إن وضع نورم لدراسة مشاريع مياه الشرب و التي تعتبر مشاريع استراتيجية هامة هو ضرورة ملحة, إذ لابد من أن تكون الدراسة على أسس و قواعد مبنية على قيم و جداول من الدراسات الميدانية و بذلك تعطي الدراسة نتائج قريبة من الواقع و تكون مقبولة من الناحية الفنية و الاقتصادية. إن وضع نورم كدليل للمهندسين الدارسين لتوحيد أسلوب و منهج الدراسة و توفير الجهد و الوقت اصبح ضرورة ملحة تفرضها المشاريع المائية المنفذة أو التي ستنفذ في القطر.
سنوضح في هذه الدراسة بعض النقاط المهمة في المرحلة التحضيرية وفي مرحلة الدراسة والتي لها تأثير كبير على دراسة الشبكة من الناحيتين الفنية و الاقتصادية.
الغاية من مشاريع مياه الشرب هي تأمين مياه الشرب بالكمية و الضاغط المطلوبين و النوعية الجيدة لمنطقة المشروع و بأقل تكاليف الإنشاء و الصيانة, ويخدم الفترة التصميمية. ولهذا فالمشروع بحاجة إلى المرحلتين التحضيرية و الدراسة.
1. المرحلة التحضيرية:
نحتاج في هذه المرحلة للمعلومات التالية:
– مخطط تنظيمي للمنطقة قيد الدراسة و التي يفضل أن يساهم في وضعه مهندسو التزويد بالمياه و مهندسو الصرف الصحي و مهندسو الشبكات الكهربائية و الهاتفية, وهذا ما يعطي مخطط تنظيمي متكامل يساعد المهندسين في تصميم خطوط شبكات تؤدي وظيفتها الخدمية بشكل جيد و يسهل مرحلة الدراسة. و أثناء العمل على المخطط التنظيمي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أماكن الخدمات العامة (المدارس, المراكز الرياضية, المراكز الصحية..) و المناطق الصناعية و التجارية و المناطق التي يوجد فيها آثار أو أماكن سياحية, طرق المواصلات, إضافة إلى أماكن التوسع المستقبلية المستفيدة من المشروع.
– مخطط طبوغرافي: و الذي سيساعد على تحديد مواقع الخزانات, و تقسيم المنطقة المدروسة إلى عدة مناطق بحسب الارتفاعات و ذلك لضمان عدم وصول الضاغط إلى قيم أكبر من حد معين يتعلق بقدرة تحمل الأنابيب و الوصلات و الأجهزة الصحية, أو إلى قيم أصغر من حد معين لا يتوافر عندها الضغط اللازم لإيصال المياه.
– عدد السكان الحالي و معدل التزايد: يفضل أخذ عدد السكان لما لا يقل عن ثلاثة إحصاءات ميدانية تكون كأساس لرسم منحني نموذج عدد السكان المستقبلي إضافة إلى إمكانية استنتاج خط بياني لمعدل التزايد يساعد على حساب عدد السكان التصميمي.
– المصادر المائية المتوفرة ومخطط وضع حالي للشبكة مبينا عليه مواقع الخزانات الحالية و سعاتها و ارتفاع اسفل الحلة و صلاحيتها, أطوال و أقطار الأنابيب, نوعها و عمرها و صلاحيتها للاستفادة منها في الشبكة الجديدة.
2- مرحلةالدراسة:
لدراسة مشروع مياه الشرب يجب:
– تحديد الفترة التصميمية لمنشآت المشروع: و هي الفترة التي تبدأ من دراسة المشروع و حتى ضرورة تجديده أو إجراء التوسع فيه و يلعب في تحديدها العوامل التالية:
* العمر التصميمي للتجهيزات و الإنشاءات و يقدر العمر التصميمي لأنابيب الفونت المرن و البولي ايتيلين بخمسين عاما.
* مدى سهولة التوسع بالمنشآت .
* الزيادة المتوقعة في عدد السكان, وبشكل أساسيسياحية.ين العدد المحسوب و العدد الواقعي لسنوات سابقة و حالية و يفضل أن يؤخذ العمر التصميمي بحيث يكون الفارق صغيرا.
* مع إمكانية إحداث مناطق صناعية أو تجارية أو سياحية .
* إمكانيات التمويل المتوفرة مع الزمن و معدل الفائدة المدفوعة و تغير الأسعار للمنشآت و العملة.
* كلفة الصيانة و التشغيل .
في مديرية مياه الشرب تؤخذ الفترة التصميمية –30 – عاما و هي بحاجة إلى إعادة تدقيق بناء على دراسات نظرية و ميدانية تأخذ بعين الاعتبار العوامل السابقة.
– عدد السكان التصميمي: و يعتبر واحد من أهم العوامل التي تؤثر على نجاح المشروع فنيا و اقتصاديا. إذ يحسب على أساسه الغزارة التصميمية التي تلعب الدور الرئيسي في دراسة المشروع. توجد عدة طرق لمعرفة عدد السكان التصميمي نذكر منها:
* الطريقةالحسابية.
* طريقة التزايد بنسبة مئوية.
* الطريقة البيانية و تعتبر أدق و اكثر وثوقية من الطريقتين السابقتين. إذ تأخذ كمعلومات أولية إضافة إلى العدد الحالي للسكان و نسبة التزايد في الطريقتين السابقتين, عدة إحصاءات للسكان في سنوات متباعدة و بذلك تأخذ ضمنا العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية و الثقافية التي تؤثر على تزايد السكان. و يمكن بطرق الإحصاء حساب المنحني الأمثلي الذي يمر من هذه النقاط و بطريقة Extrapolationيمكن حساب عدد السكان في السنة التصميمية بدقة كافية, و ينصح بتبني هذه الطريقة نظرا لسهولتها و هي تعطي نتائج منطقية.
* طريقة حد الإشباع: يحسب عدد السكان بطريقة النسبة المئوية حتى امتلاء المخطط التنظيمي و بعدها يؤخذ التزايد بالطريقة الحسابية, و أمكن استنتاج هذه الطريقة على أساس المشاهدات و الدراسة الميدانية التي أعطت أجوبة بدقة جيدة لعدة تجمعات سكنية درست هذه الطريقة عليها.- و هناك طريقة حديثة تأخذ عدد السكان تابع كثير حدود زمني للمتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الصحية. و رغم صعوبة هذه الطريقة التي تعتمد على دراسات نظرية و ميدانية مكثفة لمعرفة اثر كل من العوامل السابقة على التزايد السكاني, ألا أنها تعطي نتائج اقرب إلى الواقع.
– الاستهلاك المائي:
المسألة الأولى هي الاستهلاك الوسطي للفرد و يعرف بأنه حاصل قسمة الاستهلاك اليومي الوسطي على عدد السكان, و يحسب الاستهلاك اليومي الوسطي على انه الاستهلاك المنزلي إضافة إلى الاستهلاك التجاري و الصناعي الذي لا يتجاوز بأكثر من 25% الاستهلاك المنزلي (حسب الكود الألماني) وإذا تجاوز هذا الحد يعتبر من المستهلكين الكبار حيث يوضع هذا الاستهلاك في العقد مباشرة و يضاف إلى الاستهلاك اليومي الوسطي بعد تحويله إلى الاستهلاك الساعي الاعظمي. يتأثر الاستهلاك الوسطي بعدد السكان و المناخ و مستوى المعيشة و كميات الأمطار, و هو كبير الأثر على نجاح المشروع فنيا و اقتصاديا إذ يماثل تأثير عدد السكان. و هو من اصعب المؤشرات إذ لا يتوافر في المؤسسات معطيات دقيقة عنه, وإذا توافرت بعض المعلومات فهيا تعبر عن كميات مفروضة بحسب سياسة التقنين.
المسألة الثانية هي حساب منحني الاستهلاك اليومي (تغير الاستهلاك مع الزمن ) و الذي يفيد في التحليل الديناميكي و النوعي و حساب حجوم الخزانات.
و هناك مسألة حساب تغير معدل الاستهلاك الساعي و اليومي خلال السنة, وذلك لحساب معاملي عدم الانتظام الساعي و اليومي ومنه لحساب الاستهلاك الساعي الأعظمي.
قامت مؤسسة مياه دمشق بدراسة حقلية و تحليلية لشبكة مدينة دمشق, وقدمت عدة جداول لحساب الاستهلاك الوسطي للفرد حسب المناطق, و جداول لحساب معاملي عدم الانتظام, ومخططات لحساب منحني الاستهلاك اليومي يمكن الاعتماد عليها مؤقتا. إلا أن هذه الجداول بحاجة إلى المزيد من القياسات الحقلية و التحليل النظري و ذلك بسبب التغير الكبير في عدد المستهلكين ووجود الخزانات المنزلية و سياسة التقنين بسبب ندرة المياه. و هذا ما يستلزم توافر الجهود و الموارد من اجل بناء جداول مشابهة لبقية المحافظات و تدقيق الجداول الحالية و التي ستعتبر أساسا جيدا لدراسة مشاريع مياه الشرب.