1- العمليات البيولوجية :
1-1 المعالجة البيولوجية بواسطة الحمأة المنشطة :
إن النشاطات البشرية و مياه الصرف الصناعي عادة ما تشكل ما يعرف بالمياه الملوثة . اذا تم صرف المياه الملوثة إلى الطبيعية بدون معالجة فان المستقبلات المائية سوف تتلوث و ستصبح ناقلة للأمراض مما يعرض الناس إلى الخطر . في بداية القرن العشرين تم اختراع طريقة المعالجة البيولوجية ومنذ ذلك الوقت حتى الآن تشكل المعالجة البيولوجية الطريقة الأكثر شيوعا بالعالم لمعالجة مياه الصرف الصحي .
تقوم العملية البيولوجية على إشراك الكائنات الدقيقة ( بكتريا –بروتوزوا- طحلبيات .. الخ ) في أكل و هضم المواد العضوية الكربونية . و كنتيجة لذلك تتكاثر الكائنات الدقيقة و تصبح المياه شبكة خالية من الملوثات العضوية .يمكن إعادة استعمال المياه المعالجة وفق شروط معينة .
على الرغم من أن مبدأ المعالجة البيولوجية بسيط إلا أن التحكم بهذه الطريقة معقد جدا و ذلك بسبب تشعب العوامل التي تؤثر على عملها . ومن هذه العوامل نذكر باهاء المياه ( pH ) .
إن تدفق كمية قليلة من المواد السامة يؤدي الى اثباط الكائنات الدقيقة و بالتالي توقف المعالجة البيولوجية . ان الهدف الأساس من المعالجة البيولوجية هو تخفيض محتوى المواد العضوي ( COD أو BOD) ضمن المياه المعالجة بالإضافة إلى تخفيض تركيز المغذيات مثل الفوسفور و النتروجين .
1-2 : طبيعة و تركيب المياه الملوثة :
ان مياه المجاري تحوي بشكل رئيسي المواد العضوية الكربونية و التي تكون اما منحلة أو معلقة ( دقائقية ) . ان المواد الدقائقية تشكل 60 % من المواد العضوية الكربونية و حوالي نصفها قابلة للترسيب . ان المواد ذات القطر بين واحد مليمتر ( 1mm ) الى مائة ميكرون ( 100 micro meter ) تبقى بشكل معلق ضمن المحلول و أثناء المعالجة يتم امتزازها الى داخل الندف و التجمعات البكتيرية حيث هضمها و ازالتها . ان الجزء القابل للتحلل البيولوجي من المواد العضوية يشمل الكربوهيدرات و البروتينات و الحموض الأمينية و الدهون و الحموض الدهنية . تحوي مياه المجاري على الكربون و النتروجين و الفسفور بالنسبة التالية / C-N-P / و على العموم يمكن أن تتغير هذه النسبة من 100-17-5 الى 100-19-6 و هي قريبة من النسبة الملائمة للمواد التكاثر البكتيري 100-5-1 .
1-3: الكربون القابل للتحلل و الغير قابل للتحلل :
إن معرفة شدة الحمولة العضوية ضمن مياه المجاري يمكن من التشغيل المضبوط و المحطة المعالجة. هناك العديد من البارمترات التي تستخدم لتحديد شدة المواد العضوية ضمن مياه المجاري و سنتطرق إليها بشيء من التوضيح.
· الكربون العضوي الكلي (TOC) : يتم حرق العينة بدرجات حرارة عاليةجدا” ثم يتم قياس كمية غاز ثاني اكسيد الكربون المنطلق .إن TOC يشمل جميع المواد العضوية الكربونية بما فيها المواد العضوية الثابتة التي لا يمكن أن تتحطم بالتحليل البيولوجي .
· الاحتياج الكيميائي للاكسجين (COD) : و هنا يتم قياس الكربون العضوي بالأكسدة الكيميائية حيث يتم تسخين العينة بوسط حمض قوي (حمض كبريت ) حاوي على ديكرومات البوتاسيوم و بالتالي يتم تحديد الكربون المؤكسد بواسطة تحديد كمية الديكرومات المستخدمة أثناء التجربة . و تشمل قيمة COD المواد العضوية الغير قابلة للتحليل البيولوجي و على العكس فإن بعض المركبات مثل البنزين و التي يمكن أن تتحلل بواسطة البكتريات فإنها تتحلل بشكل جزئي ضمن تجربة قياس الCOD .
· الاحتياج البيولوجي للأكسجين (BOD) : تعتبر قيمة BOD عن الكربون العضوي القابل للتحليل البيولوجي و يتم تحديدها بواسطة الاكسجين المستهلك اثناء التجربة ( زجاجةتحوي مياه صرف صحي يقاس تركيز الاكسجين قبل و بعد فترة الاحتضان (5) ايام و بدرجة حرارة (20)مئوية و بحيث توضع عينة التجربة في مكان مظلم. و تعرف هذه القيمة BOD5 .
و من أجل التأكد من أن المواد العضوية الكربونية فقط سيتم أكسدتها بواسطة الكائنات الدقيقة فإنه يتم إضافة مواد كيميائية لتثبيط أكسدة المواد العضوية النتروجية .
إن قيمة BOD هي دائما أقل من قيمة COD و ذلك لسببين :
1- لاتستطيع الحمأة المنشطة هضم بعض المواد العضوية التي يتم أكسدتها في تجربة COD .
2- بعض الكربون المزال في تجربة BOD لايتأكسد ولكن يدخل في الخلايا البكتريا الجديدة ولذلك فان قيمة BOD تعبر فقط عن المواد العضوية التي تمت أكسدتها فعليا.
إن النسبة COD / BOD5 تعتمد على نوعية المياه الملوثة . فمثلا من أجل المجاري المنزلية تكون بين 0,5-0,6 و تكون من أجل المياه النهائية لمعالجة 0,2 .
1-4: تصنيف الـBOD :
يمكن تصنيف BOD الى جزء سريع التأكسد ( Soft ) و آخر بطيء التأكسد ( Hard ) و ذلك حسب سرعة أكسدة المواد العضوية ان المركبات ذات الوزن الجزيئي الصغير يتم ازالتها فور دخولها الى حوض التهوية و ازالتها يستغرق بين 2-1 ساعة . هذه المجموعة من المركبات يطلق علييها المواد سهلة التحلل البيولوجي او / Sof BOD / وأما المركبات ذات الوزن الجزيئي الأكبر فان زمن ازالتها يتراوح بين عدة ساعات الى عدة أيام. إن هذه المركبات الأقل سهولة في التحلل البيولوجي يطلق عليها Hard BOD. لذلك إذا كان زمن المكوث ضمن أحواض التهوية غير كافي فان المواد العضوية صعبة التحلل البيولوجي (Hard BOD) ستخرج مع السبب النهائي. الشكل(1) التالي يمثل المواد العضوية ضمن مياه المجاري.
الشكل(1) المواد العضوية ضمن مياه المجاري
2-تركيب الحمأة المنشطة :
2-1: بكتريا الحمأة المنشطة :
إن الحمأة المنشطة داخل أحواض التهوية عبارة عن تجمعات معقدة من الكائنات الدقية ( الأحياء الدقيقة) . ان الأحياء الدقيقة السائدة ضمن أحواض التهوية هي البكتريا التي يزيد عدد أنواعها عن 300 نوع . كل خلية بكتيرية لها أبعاد و بين 0.5-2 ميكرون . وكل خلية بكتيريا تكون محاطة بغشاء ينظم دخول الشوارد و الجزيئات من الوسط المحيط . و بدوره يحاط الغشاء بجدار خلوي قاسي مصنوع من البوليمر السكري . تحوي الخلية البكتريا في الداخل على السيتوبلاسما و آلاف من العناصر الكيميائية المتنوعة و بحيث تلعب الأنزيمات دور المنظم للتفاعلات الكيميائية الحاصلة ضمن الخلية . و معروف أن الخلية البكتيريا لا تحوي على نواة . ان المركبات الجزيئية الصغيرة تمر عبر الجدار و الغشاء الى داخل الخلية و هذا ما يطلق عليه بعملية الهضم . و بنفس الوقت فان بعض المركبات الجزئية المعقدة يتم تصنيعها داخل الخلية تمر الى الخارج و هذه العملية يطلق عليها الفرز( أو الطرح ) . يوضح الشكل ( 2 ) الخلية البكتيرية .
الشكل (2) يبين مكونات الخلية البكتيرية
إن نواتج عملية الطرح تشمل مركبات جيلاتينية و هلامية و التي تساعد في الربط بين البكتيريا مع بعضها و مع الانزيمات . الانزيمات تحطم الجزيئات العضوية المعقدة الى جزيئات بسيطة تدخل بسهولة الى داخل الخلية عبر الانتشار. تستخدم البكتريا هذه المواد البسيطة الداخلة في عملية التركيب الخلوي و في عملية النمو . تتكاثر البكتريا بالانقسام الثنائي و ذلك عند نموها الى حد معين ومن ثم تنمو البكتريا الصغيرة بدورها الى أن تكبر ثم تنقسم و هكذا و بوجود المغذيات ( فوسفور و نتروجين ) فان النمو يزداد بشكل أسي مما يساهم في النمو السريع للبكتيريا.
تنقسم البكتريا ضمن مياه المجاري الى قسمين : متباين التغذية و ذاتي التغذية . ان البكتريا متباينة التغذية ( أو البكتريا الكربونية ) هي السائدة من بين الحياء الدقيقة . و هي تتميز بأنها تتغذى ( بشكل رئيسي ) على المواد العضوية مقارنة مع استهلاكها للمواد اللاعضوية . وعلى العكس فان البكتريا ذاتية التغذية تعتمد على العناصر اللاعضوية الكيميائية في تركيب العناصر الكربونية ان بكتريا النترجة التي تزيل الامرنيا من مياه الصرف الصحي تعتبر الأكثر أهمية في مجموعة البكتريا ذاتية التغذية و بسبب العدد القليل للبكتريا ذاتية التغذية بسبب بطء معدل نموها فهي غير قادرة على منافسة بكتريا متبانية الغذاء وهذه ما يفسر أن عملية النترجة تحصل بعد عملية تهوية طويلة ( عدة أيام ) .
2-2 الندف البكترية :
ان التشغيل الجيد لحوض التهوية يساعد على حصول تكتلات بكترية تسمى الندف . كما أن أعدادا أخرى من البكتريا تبقى حرة ضمن الوسط المائي . هذه الندف تتشكل من تراكم البوليمرات العضوية غير الحية التي تطرح من البكتريا وهذه الندف ذات بنية مسامية ( تحوي ثقوب هائلة ) قادرة على مقارنة قوى القص الناتجة عن حركة المياه اثناء التهوية . وهذه الندف ذات أبعاد مختلفة من عشرة ميكرون الى واحد ملم (ألف ميكرون) . الشكل (3) يبين صورة فوتوغرافية دقيقية للندف البكترية ضمن أحواض التهوية .
الشكل(3) صورة مجهرية للندف البكتيرية ضمن السائل الممزوج بحوض التهوية
إن البكتريا تلتصق على السطوح الداخلية و الخارجية للندفة ذات الحجم المتوسط و بما يكون عليها عدة ملايين من البكتريا . بعد دخول مياه المجاري مباشرة الى حوض التهوية فان المواد الفروانية و الدقائقية الناعمة و الجزيئات الكبيرة تصبح على تماس مع الندف و تلتصق عليها أخيرا و بدورها تفرز البكتيريا الأنزيمات اللازمة لتحطم المواد العضوية المعقدة الى مواد بسيطة يسهل دخولها الى سيتوبلاسما النحلية البكترية ( الهضم ) و على أية حال فان البكتريا الموجودة داخل الندفة تعاني من نقص الاكسجين المنحل ضمن المياه بسبب انتشار الاكسجين بشكل متدرج بحيث يكون أكبر يمكن على سطح الندفة الخارجي و أقل ما يمكن داخلها .
و بما أن الحد الأدنى للاكسجين المنحل ضمن أحواض التهوية يجب أن يكون 0.6 ملغ / ل ليؤمن حياة هوائية للكائنات الدقيقة فان زيادة كمية الاكسجين المنحل الى داخل الندف بما يزيد 0.6 ملغ /ل ممن يضمن المستعمرات البكترية سوف تظهر بسبب نفاذ الاكسجين المنحل داخل الندفة و هذه المستعمرات تشمل البكتريا الاختبارية .
كما أن السطح الخارجي لندف الحماة المنشطة سوف تستعمر من قبل كائنات حية دقيقة ذات مستوى غذائي أعلى مثل الحيوانات وحيدة الخلية و هذه الكائنات تتغذى على البكتريا و المواد الدقائقية ضمن مياه الصرف الصحي.
3-الاستقلاب البكتيري:
إن معالجة مياه المجاري ضمن أحواض التهوية تهدف الى ازالة المواد العضوية من المزيج بواسطة هضمها من قبل البكتريا و حالما تدخل مياه الفضلات الى حوض التهوية تتم عدة عمليات تهدف الى استقلاب مركبات الكربون . وبشكل عام فان الاستقلاب يشمل آلاف التفاعلات الكيميائية المتزامنة داخل البكتريا و كل تفاعل من التفاعلات يحدث عملية تحويل المادة العضوية الى مركب أو منتج بوجود الأنزيمات.
Product منتج (أنزيم وسيط) substrate مادة عضوية أو غيرها
وبدوره فان المنتج يصبح مادة أساسية في الغذاء للمرحلة التالية من السلسلة الغذائية و بحيث يتحول بوجود أنزيمات أخرى غير التي موجودة بلمرحلة الأولى الى منتج آخر مختلف . و حتى تتم هذه العمليات لا بد أن يتم توفير الطاقة للبكتريا وهذاما يطلق عليه بالتفاعلات المستهلكة للطاقة. و أما التفاعلات الأخرى المنتجة للطاقة فان المادة الخام تحول الى منتج بواسطة العمل الأنزيمي و عموما فان الاستقلاب يقسم الى مراحل أساسية و هي :
· عملية الهدم(Catabolism) أو استقلاب الطاقة : و فيها يتم تحطيم مركبات الكربون عبر سلسلة من التفاعلات و بالتالي الحصول على الطاقة الخلوية. و هذه العملية عبارة عن أكسدة بيولوجية و تمثل أساس عملية التنفس “Respiration”.
· عملية تمثيل المواد الغذائية (Anabolism) : تشمل سلسلة من التفاعلات التي تهدف الى التركيب الخلوي البيولوجي للجزيئات الكبيرة من الجزيئات الصغيرة. وهي عملية تحتاج للطاقة يتم تأمينها من الطاقة الناتجة عن عملية الهدم السابقة. و تمثل هذه العملية أساس عملية النمو “Growth”.
و سيتم التطرق الى موضوع الاستقلاب البكتيري بموضوع منفصل بإذن الله
ملاحظة: جميع محتويات الموقع ذات حقوق محفوظة و لايسمح بإعادة النشر أو الاستخدام إلا بعد أخذ إذن مدير الموقع حصريا” تحت طائلة المسؤولية.