» مختارات بيئية

نباتات “مطهرة للأرض” تمتص السموم من التربة الملوثة وتنقيها

تمتص الزرنيخ والمبيدات الزراعية من التربة وتحول السموم إلى مواد تذوب في الماء تمهيداً للتخلص منها تقارير منظمة الصحة الدولية تشير إلى أن ملايين الناس مهددون بالأمراض الجلدية والسرطانية بسبب تلوث المياه الجوفية. تكتسب مهمة تطهير تربة الأرض، والمياه الجوفية، أهمية بيئية استثنائية هذه الأيام بسبب انتشار الأمراض، وخصوصا الأمراض السرطانية والجلدية والحساسيات، نتيجة لتسلل المواد السامة المختلفة الى التربة بفعل المواد المستخدمة في الصناعة والزراعة. وتقدر منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ان 112 مليون إنسان في البنغال الغربية والهند وبنغلاديش مهددون بالأمراض الجلدية والسرطانية بسبب تلوث المياه الجوفية في هذه المنطقة.
وعدا عن الطرق الالكترونية والكيميائية المستخدمة لتطهير التربة من التلوث، يعمل علماء البيئة على إيجاد طرق طبيعية توظف فيها نباتات مختلفة تمتص المعادن، والمعادن الثقيلة من التربة. وهي نباتات تحتاج في تطورها ودورة حياتها الى هذه المواد، فتستخدمها في الوظائف المختلفة ثم تطلقها من جديد بشكل مركبات غير ضارة بالبيئة.
التهام السموم:
إحدى أهم ملتهمات السموم هذه هي عشبة برية منخفضة ذات زهيرات أنبوبية بيضاء صغيرة وأوراق بيضوية صغيرة واسمها “العشبة الجدارية الصغيرة”. واكتسبت هذه النبتة، التي تنمو عادة على حافات الشوارع وقرب الجدران دون ان تثير اهتمام أحد، أهمية جديدة من خلال تصنيفها الجديد ضمن مجموعة جديدة تسمى النباتات “المطهرة للأرض”. والمهم فيها انها نبتة برية، رخيصة الثمن، تنمو وتتكاثر بسرعة وتمكن زراعتها على مساحات شاسعة. وميزة العشبة الجدارية الصغيرة انها مفترس كبير لمادة الزرنيخ من الأرض.
ونجح باحثون اميركيون في زيادة نهم هذه النبتة للزرنيخ عن طريق إضافة جينين استمدا من البكتيريا، لخريطتها الجينية. وكتب العلماء المختصون بالهندسة الوراثية في مجلةNature Biology انهم نجحوا من خلال هذا التحوير في مضاعفة قدرة النبتة على التهام الزرنيخ 300 مرة. ويفترض ان يساعد هذا الاكتشاف في التوصل الى حل مشكلة الأراضي والمياه الملوثة بمركبات الزرنيخ.
وتقوم النباتات المطهرة للأرض بمهمات اخرى. فهي تمتص المعادن الثقيلة السامة من خلال الجذور ثم تعمل على تحويلها الى مركبات ذائبة في الماء. وكمثل، فان بعض النباتات تمتص المواد المبيدة للقوارض من الأرض وتعمل على تغييرها بواسطة انزيمات خاصة. وثبت ان بعض النباتات قادرة على تحييد حتى الزئبق والسيلينيوم بعد امتصاصهما من الأرض ونتحهما الى الخارج بشكل مركبات وغازات غير ضارة.
نباتات أخرى  :
ومن النباتات الاخرى نبتة ذيل الثعلبAmaranthus Retroflexus التي تعمل على امتصاص السيزيوم المشع 40 مرة أكثر من غيرها من النباتات. ونجح العالم الفيزيولوجي الاميركي ليو كوشيان من “مختبر الزراعة والتربة والتغذية الأميركي” في خفض نسبة السيزيوم المشع في التربة بنسبة 3% بعد ثلاثة أشهر فقط من زراعة ذيل الثعلب فيها. ويأمل كوشيان ان يحرر الأرض تماما من السيزيوم المشع من خلال زراعة هذه النبتة البرية في ثلاثة مواسم في السنة وطوال 15 سنة من الآن. ويقول العالم الاميركي ان تخليص المناطق الاميركية من المواد المشعة بواسطة التقنية الحديثة سيكلف الإدارة الاميركية ما يزيد عن 300 مليار دولار.
أما النبتة المسماة باللاتينية Agropyron Desertorum فهي تعمل على امتصاص مادة  PCB “بولي كلورينيتد بايفينيل” وهي مادة تستخدم في شتى التطبيقات الصناعية، من الأرض والمياه الجوفية. وأثبتت إحدى التجارب الأميركية ان هذه النبتة تمكنت من خفض مادة PCP في التربة بنسبة 58% خلال 15 يوما فقط.
أما نبتة HYBRID PEOPLE وهي نوع من شجرة الحور فيرى العلماء ان هذه الشجيرات البرية قادرة على سحب مادة “ترايكلوريثيلين” Trichlorethylen من المياه الجوفية وإطلاقها عبر مسامات وريقاتها الصغيرة. وتتحدث إحدى التجارب عن قدرة سيقان هذه الشجيرات الصغيرة على سحب الترايكلورايثيلين من الأرض بنسبة 90%. بينما يشار الى نبتة Thlaspi caerulescens بانها نبتة قادرة على امتصاص النيكل والزنك من الأراضي الملوثة بالمعادن الثقيلة. ويصنف الباحث روفوس شيني من خدمة الأبحاث لزراعية في ماريلاند هذه النبتة ضمن النباتات “المدورة للتربة”. وكشفت الفحوصات التي أجراها شيني على هذه النبتة ان الزنك يكون 30-40% من محتوياتها واستنتج بالتالي حاجتها الدائمة لامتصاص الزنك من التربة.