سوف يتم التطرق في هذه المحاضرة الى لمحة عن تاريخ الهندسة البيئية و تعريف علم الهندسة البيئية بشكل موجز
مقدمة:
منذ أن بدأ الناس التمييز و الإدراك بأن صحتهم و بقاءهم مرتبط بالحفاظ على البيئة المحيطة بهم، فقد لجؤا إلى تطبيق المبادئ و الأفكار العلمية لتحسين هذه البيئة و حمايتها. و على سبيل المثال، فإن الرومان قاموا بتشييد الأقنية لنقل المياه و مواجهة الجفاف و قاموا بتأمين المياه الصحيّة النظيفة للعاصمة روما. و في القرن الخامس عشر ميلادي قامت مقاطعة بافاريا بسن قوانين تخص التزود بالمياه. بدأت الهندسة البيئية الحديثة في لندن عند منتصف القرن التاسع عشر ميلادي عندما أدركوا أنّ صب مياه الصرف الصحي إلى البحيرات و الأنهار دون معالجة كان السبب بانتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا.
إن الاستهلاك الجائر للموارد بكل أنواعها سبب التدهور البيئي الشديد. فمثلا” استخدام المبيد الحشري DDT بعد الحرب العالمية للقضاء على الآفات الحشرية ساعد في تحسن إنتاج المنتجات الزراعية و في التغلب على الجوع و تم التحكم بانتشار الملاريا. و لكنه بنفس الوقت قضى على مجموعات هائلة من الأصناف الحية. إن قصة الـ DDT تعتبر السبب في ولادة التحرك الجاد للتطوير البيئي الحديث مما أنتج لاحقا” مجال الهندسة البيئية.
إن الهندسة البيئية قد أعطيت تعريفها و إسمها المحدد منذ عام 1900 ميلادي كفرع من الهندسة المدنية. و هي فقد مورست من قبل المهندسين المدنيين منذ عام 1850 ميلادي عندما أصبح للصحة العامة معاهد خاصة بها. كانت مشاريع الصرف الصحي و التزود بالمياه و حل مشاكلها الهيدروليكية من النشاطات الأولى للهندسة البيئية. انتشرت معالجة المياه بشكل سريع حوالي 1900 ميلادي بينما معالجة المياه الملوثة تأخرت حتى أصبح لها معاهدها الخاصة بهذا العلم. بدأت المحاولات التجريبية لمعالجة المياه الملوثة ببطء و لم تتشكل الأسس العلمية لتصميم منشآت المعالجة حتى عام 1950 ميلادي. و في هذه الأثناء بدا قبول دراسات الماجستير بهذا المجال. و منذ عام 1960 أصبح مجال التزود بالمياه و إدارة المياه الملوثة و معالجتها أكثر انتشارا” وحددت كقضايا بيئية بينما بقى تعريفها تحت نطاق الصحة العامة.
الهندسة البيئية الآن تشمل ثلاثة أفكار رئيسية و هي:
– حماية الناس من الأخطار الناجمة عن سوء نوعية الهواء والماء، بالإضافة إلى حمايتهم من الضجة و الإشعاعات.
– التخلص المناسب من الملوثات.
– الأمن من تأثير الأضرار الناجمة عن النشاطات البشرية.
تعريف الهندسة البيئية:
تعرّف الهندسة البيئية بأنها تطبيق المبادئ العلمية و الهندسية من أجل تحسين البيئة (مصادر الهواء و الماء و التربة)، و لتأمين المياه الصحيّة و الهواء النظيف و سلامة التربة من أجل السكن البشري و من أجل الحفاظ على حياة الكائنات الأخرى و كذلك لمعالجة المواقع الملوثة.
إن الهندسة البيئية تفيد بشكل أساسي بتطوير المنشآت من أجل حماية البيئة و من أجل الإدارة المناسبة للمصادر الطبيعية. إن مهندس البيئة يولي اهتماما” خاصا” للتداخلات البيولوجية و الكيميائية و الفيزيائية بين الهواء و الأرض و الماء و يبحث عن حلول تكنولوجية متكاملة من اجل ادارة الموارد و إعادة تدوير المخلفات و المصادر المتنوعة بعيدا” عن التدهور البيئي و نشر التلوث بكافة أشكاله.
إن مهمة الهندسة البيئية تدور حول الحماية (من التحلل الإضافي) والحفظ (الوضع الحالي) و التمكين (البيئة).
الغرض من الهندسة البيئية:
ربما تكون الملوثات كيميائية أو بيولوجية أو حرارية أو إشعاعية أو حتى ميكانيكية. و لذك فإن الهندسة البيئية تمتد إلى عدة اختصاصات منها هندسة التصنيع و الكيمياء البيئية و الهندسة الصحية و ادارة المواد الملوثة و تخفيضها كما تشمل منع التلوث و تنظيف المناطق المصابة. و مما سبق نستنتج أن الهندسة البيئية هي عبارة تركيب لعدة علوم و مبادئ هندسية اتحدت مع بعضها لتشكل الأساس لهذا الاختصاص و نذكر منها:
– الهندسة المدنية
– الهندسة الكيميائية
– الصحة العامة
– الهندسة الميكانيكية
– الكيمياء
– علم الأحياء
– علم الجيولوجيا
– علم البيئة
– التنمية المستدامة
يمكن القول أن المواضيع العامة للهندسة البيئية فتتمحور حول فهم البيئة الطبيعية و البيئة الإنسانية و فهم آلية عملها وفهم كيفية وقوع الأضرار و البحث في الأخطار الناجمة عن التلوث البيئي. فمهندس البيئة يراقب البيئة و يستكشف الأساليب اللازمة للمحافظة عليها و تحسينها بالإضافة إلى تصميم و تشغيل و إدارة المنشآت و الأنظمة التي تحميها.
من الأمثلة عن الأعمال التي ينجزها مهندس البيئة نذكر:
1- إدارة مياه العواصف المطرية في المدن لحماية البيئة المائية و تأمين مصرف للمياه الفائضة مع التحكم بالفيضانات.
2- التصميم الجمالي للأراضي الرطبة كجزء متكامل مع البيئة أكثر منه لغاية كونها منشأة لمعالجة و تحسن المياه الملوثة.
3- تصميم محطات و منشآت معالجة المياه الملوثة مع إعادة استخدام المياه الملوثة المعالجة في شحن المياه الجوفية و في الاستخدامات الزراعية وغير ذلك من الاستخدامات الشائعة.
4- اختيار المكان المناسب لسدود و بحيرات تجميع المياه المطرية و غيرها من أجل حماية الأنظمة البيئية المائية.
5- إدارة و معالجة المياه السطحية و المياه الملوثة الناجمة عن النشاطات البشرية المختلفة.
6- منع تلوث التربة و الهواء و الحفاظ على نوعيتها الجيدة.
7- المساعدة في الحفاظ على الحياة البرية و الأنظمة البيئية إجمالا”.
8- القيام بالأبحاث البيئية العلمية من أجل تحديد الملوثات و تصنيفها و اختراع وسائل معالجتها و التخلص الآمن منها.
9- المساهمة الفعالة في تنظيم التشريعات البيئية لمنع التلوث و منع أسباب التدهور البيئي العالمي مثل ثقب الأوزون و الانحباس الحراري.
هناك بعض الاختصاصات الأخرى التي تنطوي تحت هندسة البيئة مثل السلامة الصناعية، علم المحيطات، الملوثات الخطرة، التحكم بالهواء، التلوث بالإشعاعي و ادارة النفايات الصلبة.
ملاحظة: جميع محتويات الموقع ذات حقوق محفوظة و لايسمح بإعادة النشر أو الاستخدام إلا بعد أخذ إذن مدير الموقع حصريا” تحت طائلة المسؤولية.