» تخطيط وتصميم محطات المعالجة

تقييم الوضع الحالي لمحطات المعالجة الصغيرة في سورية

د.م عبد الرزاق محمد سعيد التركماني

لا شك أن الجهد الحكومي المبذول في الآونة الأخيرة يستحق كل الثناء و الشكر و ذلك اتجاه معالجة مياه الصرف الصحي الملوثة و إعادة استخدامها بما له من أثر كبير في حفظ الصحة العامة و الحيلولة دون حدوث كوارث صحية و تفشي للأمراض بالإضافة إلى أهمية إعادة استخدام المياه المعالجة قي الاستخدامات المختلفة كون سوريا تفتقر إلى توفر المواد المائية.
معلوم أن الدول المتقدمة قد بدأت التوجه نحو معالجة مياه المجاري منذ أكثر من مائة سنة إلا أن التجربة السورية بدأت في خوض غمار هذه التجربة منذ بضع سنوات فقط. المهم أن نبدأ و لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن نبدأ بشكل صحيح و على مراحل ممنهجة حتى لا نقع في الأخطاء المكلفة.
ن اختيار عمليات المعالجة المناسبة ليست بالمهمة السهلة فهي تتطلب فهما” عميقا” لمختلف طرق و أساليب المعالجة و إدراكا” لآليات معالجة المياه الملوثة و الإمكانات التشغيلية للوحدات المختارة بالإضافة إلى التأثيرات البيئية لمكونات المحطة المختلفة. إن الدراسات المخبرية و النماذج المصغرة للحلول المقترحة تعتبر ضرورية من أجل الوصول إلى الحل النهائي الأنسب للمعالجة المطلوبة .
لدينا الكثير من المشاكل التي تخص محطات المعالجة في سورية بدءا” من التخطيط و التصميم إلى إعداد أضابير المناقصات و فضها إلى تشييد المحطات و تشغيلها. إن النموذج السوري نموذج فريد من نوعه فهو يسير بشكل ضبابي من دون أي استراتيجية واضحة و مدروسة. و هنا نتساءل هل الأمر أن لدينا ميزانية مالية كبيرة مخصصة لمحطات المعالجة و نريد إنفاقها كيفما كان أم أن لدينا هدف واضح المعالم نسعى للوصول إليه. الطامة الكبرى هو أن نحصر أنفسنا ضمن بوتقة القرارات و التعليمات  و غيرها من دون إعطاء الحرية الكاملة للمصمم في اختيار أسلوب المعالجة و درجة المعالجة المطلوبة (أولية – ثانوية – ثالثية) و خاصة في ظل تخوف الجميع من الخطأ أيا” كان نوع الخطأ و ما لذلك من متاعب.
نحن نخوض تجربة جديدة في مجال محطات المعالجة و لا بد من الخطأ و من لا يخطئ لا يتعلم و لذلك يجب أن تكون الحكومة الحاضن للخبرات الوطنية و الحامي لها و المشجع لإكتساب الخبرات مما ينعكس إيجابا” على نجاح تجربتنا الوطنية في مجال رفع التلوث و تشييد محطات المعالجة. يجب أن تكون لدينا الجرأة للتحدث بصراحة و إن كان هناك اختلافا” في الآراء الهندسية.
في إحدى اللقاءات حضر السيد وزير الإسكان و التعمير المهندس حمود الحسين مؤتمرا” عقد بشركة الدراسات في أواخر عام 2007 حول مشاكل محطات المعالجة بسورية و طرح التساؤل التالي ” هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح في مجال محطات المعالجة؟ نريد أن نعرف”.
الجواب بسيط و سهل يا سيادة الوزير نحن نسير في الاتجاه الخطأ.
 فهل يمكننا التريث و إعادة النظر بالنهج الحالي الوطني  المتبع في سياسات محطات المعالجة؟
أولا”:  مدخل
تعتبر دراسات محطات المعالجة التي قامت بها الشركة البريطانية هاورد هامفرز في الثمانينات من القرن الماضي باكورة أعمال محطات المعالجة في سورية. و قد قامت وزارة الإسكان و المرافق في التسعينيات بتكليف شركة الدراسات و الاستشارات الفنية بإعداد دراسات إقليمية شاملة لمختلف المناطق السورية لرفع التلوث الناجم عن صرف المياه الملوثة و قد تجاوزت المحاور الإقليمية المدروسة المائة محور. و على الرغم من أن هذه الدراسات وفرت معطيات هامة أساسية لإدارة هذه المياه الملوثة إلا أنها عابها وجود بعض الخطوط المجمعة الطويلة بعشرات الكيلومترات الغير اقتصادية. فالمقولة الشهيرة لدى خبراء البيئة تنص على (إمنع التلوث من مصدره و لا تنقله بعيدا”). و لم نلحظ في كل الدراسات المحلية اعتماد الطرق الحديثة لنقل مياه المجاري ضمن التجمعات الصغيرة و التي توفر حتى 50 % من الكلفة مقارنة مع شبكات الصرف الصحي التقليدية. كما لم نلحظ الحلول الهندسية البيئية الخاصة بالتجمعات المنفردة. كذلك فإن خيارات المعالجة المقترحة كانت ضحلة و باتجاه وحيد نحو التهوية المطولة كخيار استراتيجي وحيد، باستثناء الاقتراحات المدروسة للمعالجة في مشروع حوض العاصي حيث تضمنت مجموعة من الاقتراحات الأخرى كبرك الأكسدة الطبيعية و المهواة و خنادق الأكسدة .. الخ. لم يؤخذ بهذه الاقتراحات إجمالا” أثناء التنفيذ الفعلي للدراسات التفصيلية.
بدأت الخطوات الأولى لإيجاد حلول فعلية لمعالجة مياه صرف التجمعات الصغيرة في عام 2001 حيث تم تكليف مجموعة من مهندسي شركة الدراسات الفنية بفرع حمص من قبل وزارة الإسكان (على عهد السيد الوزير السابق حسام الصفدي) بإعداد حلول نموذجية للتجمعات السكانية حتى 30 ألف نسمة. تمت الدراسة التفصيلية لعدد من الحلول المقترحة و تتضمن برك الأكسدة الطبيعية و البرك المهواة بالمزج الكامل و المزج الجزئي و البرك المختلطة و خنادق الأكسدة و التهوية المطولة كطرق نموذجية أولية مقترحة تناسب التجمعات السكانية الصغيرة حتى 30000 نسمة. و بعد أن وصلت الدراسة للمراحل النهائية (الدراسة الميكانيكية و الكهربائية) توقف المشروع في حينه لأسباب متنوعة (التغيير الوزاري، سفر الدارس لخارج القطر…الخ) و رغم ذلك فقد نفذت بعض المحطات الصغيرة (كما في الرقة) حسب هذه الدراسة. تمت متابعة الدراسات الخاصة بمحطات المعالجة من قبل مكاتب الصرف الصحي في شركة الدراسات و الاستشارات الفنية و دخلت معها بعض الشركات العامة كما أن بعض الجهات الأجنبية دخلت في تصميم محطات المعالجة مثل الجانب الماليزي.
إعتبرت الدراسات الماليزية أن كلفة معالجة مياه المجاري في سورية للشخص الواحد تتراوح بين 75 يورو للتجمعات السكانية أكبر من 5000 نسمة و 95  يورو للتجمعات أصغر من 5000 نسمة. الكلفة في لبنان 69 يورو للتجمعات أصغر من 5000 نسمة رغم أن أسعار المواد الخام و كلفة اليد العاملة مرتفعة جدا” مقارنة مع الأسعار في سورية).
مشاكل كبيرة تنتظرنا من حيث تشغيل المحطات بالإضافة إلى الاستهلاك الهائل للطاقة علاوة على غياب استراتيجية وطنية واضحة لكيفية المعايير المتبعة لاختيار القرى ذات الأولوية المراد معالجة المياه الملوثة لها إضافة إلى غياب واضح لمراعاة الاختلاف المناخي و الطبوغرافي و ضعف الخبرة الوطنية في مجال تشغيل و صيانة محطات المعالجة أثناء تحديد الخيارات المتاحة للمعالجة.
 إن الطريقة المعتمدة في معالجة التجمعات الصغيرة في سورية هي طريقة التهوية المديدة حيث تبين الدراسات أن نسبة تعميم هذه الطريقة يفوق 98 % من المحطات. و كل ما سيترتب على هذه الطريقة سيتم مناقشته. كما ستتم مناقشة مختلف المواضيع التي تبين مدى القلق الذي يجب أن يعترينا للمستقبل القريب في مجال تجربتنا بمحطات المعالجة. كما أن الحلول المقترحة لتلافي الأخطار المستقبلية سيتم التطرق اليها.
ثانيا”:  إستراتيجية وطنية غائبة لمعالجة مياه الصرف الصحي
إن الوضع الحالي لأسلوب اختيار التجمعات القروية المراد معالجتها إضافة الى الطرق المعتمدة للمعالجة (التهوية المطولة عموما”) يبين ضعف و وهن واضح لا لبث فيه في الخطة الوطنية ( ان صح أن نطلق هذا التعبير ) لرفع التلوث الناجم عن مياه المجاري. كان من المفروض على الأقل الاستفادة من الدول العربية المجارة في وضع استراتيجية واضحة للدولة لتلافي هدر الأموال إضافة إلى ضعف التبرير المالي للاختيار بين طريق المعالجة. و سنستعرض بعض التجارب:
في مصر مثلا” تم في البداية تنفيذ العديد من المحطات الصغيرة لعدد من التجمعات القروية بطرق مختلفة تضمنت:
1- خنادق الأكسدة
2- التهوية المطولة
3- برك الأكسدة المسبوقة بأحواض تحليل:  يتم وصل المنازل المتقابلة ضمن الحي بأحواض تحليل بعمق 2 متر و تخرج المياه منها بعد ترسيب المواد الصلبة ضمن الحوض عبر انبوب(بلاستيكي مرن) بقطر صغير يبدأ بـ ( 10 سم ) و بعمق بسيط تحت الارض حوالي80-100 سم و ينتهي الى حوض تجميع رئيسي حيث يتم نقل هذه المياه الى برك الأكسدة بالثقالة او الضخ حسب الحاجة. و كل عام يتم تنظيف الأوحال المثبتة من أحواض التحليل و تنقل الى أحوض التجفيف التابعة للمحطة. و حتى يتم تفادي التكلفة تم إلزام كل قرية بإدارة المحطة عبر دفع اشتراك شهري لكل اسرة 10 جنيه مصري و تجمع هذه الأموال لتغطية تكلفة و نفقات المحطة على المدى الطويل.
4- المرشحات البيولوجية
5- الأراضي الرطبة
6- طريقة UASB اللاهوائية
و بعد الاستثمار الفعلي لهذه الطرق تبين أن الخيار الأفضل هو الحل الثالث و خاصة بعد التكلفة الكبيرة و المشاكل الناجمة عن التشغيل للخيارات السابقة. و تم تعميم هذا الحل الذي يراعي الظروف الاقتصادية و نقص الكوادر المهرة و تجنبا” لهدر الأموال.
و أما  في الكويت فإنه يتم تطبيق معالجة أولية لكل قرية بشكل منفرد و من ثم يتم ضخ هذه المياه أو جرها بالثقالة الى محطة مركزية تعالج المياه الملوثة القادمة من عدة قرى متجاورة.
و بالنسبة الى الأردن فقد تم الاعتماد على تنوع محطات المعالجة المستخدمة للتجمعات و القرى حسب المعطيات الخاصة بالموقع(الجدول )، و يبلغ عدد المحطات حوالي 22 محطة. إن ظروف الأردن تشبه كثيرا” الوضع في سورية و لهذا كان يجب الاستفادة من خبرات الدول العربية المجاورة. و الجدول التالي يبين بعض الطرق المستخدمة في معالجة مياه المجاري في الأردن و يظهر منه أن محطة واحدة فقط تعمل بنظام التهوية المطولة:
الجدول  يبين وضع محطات المعالجة حسب الطاقة التصميميه والتشغيليه بالنسبة للحمل المائي والعضوي في الأردن
موقع المحطة
نوع المعالجة
السعة التصميمية
m3/d
الحمولة العضوية
Kg BOD5/day
سعة التشغيل
m3/day
الكلفة
فلس / م3
السمرا
برك تثبيت
68000
32768
168857
20,8
اربد
حمأة منشطة + مرشحات حجرية
11000
8800
8481
120,2
العقبة
برك تثبيت
9000
3510
8219
35,7
السلط
تهوية مطولة
7700
5775
5500
Sait
حمأة منشطة + برك إنضاج
3500
4043
1808
142.5
مفرق
برك تثبيت
1800
1485
2297
96.9
Bapa
مرشحات حجرية + برك إنضاج
12000
3600
8783
66.85
الكرك
مرشحات حجرية + برك إنضاج
785
848
1122
161.6
أبو النصح
حمأة منشطة
4000
4400
1499
167.6
Tafi a
مرشحات حجرية + برك إنضاج
1600
1680
862
239,4
الرمثا
برك تثبيت
1920
1574
1617
58,8
عمان
برك تثبيت
1600
1552
1923
73,0
Madaba
برك تثبيت
2000
1700
3219
43.1
Kufransa
مرشحات حجرية + برك إنضاج
1900
1615
2242
130.9
وادي السير
برك مهواة
4000
3120
819
216,8
Fvheis
حمأة منشطة
2400
2388
847
269,63
ثالثا”: الوضع الراهن لدراسة و تصميم محطات المعالجة في سورية
بداية” قامت الشركة العامة للدراسات و الاستشارات الفنية و خصوصا  مكتب الصرف الصحي بالإدارة العامة برئاسة الاستاذ القدير م. أحمد فطايري آنذاك و من ثم شاركت بقية فروع الشركة مثل فرع المنطقة الوسطى بإعداد الدراسات التفصيلية لمحطات المعالجة في سورية. و بعد ذلك أعطيت الفرصة للوحدات الجامعية لدراسة هذه المحطات و تبعها بعض الشركات العامة الأخرى. و أخيرا” تم تكليف بعض الشركات الأجنبية بالدراسة مثل الجانب الماليزي.
تم تحديد ثلاثة طرق للمفاضلة فيما بينها كحل عام لمحطات المعالجة في سورية و هي الحمأة المنشطة و المرشحات البيولوجية و التهوية المطولة. و كون الحمأة المنشطة  لا تطبق عمليا” للتجمعات الصغيرة و المنعزلة و كون المرشحات البيولوجية ليست على الأجندة لأسباب متعددة  فقد اعتمدت طريقة التهوية المطولة كحل عام شامل في سورية باستثناءات صغيرة و ذلك حتى لبعض المدن الكبيرة نسبيا” مثل بعض مدن المنطقة الشمالية. الجدول  يبين نموذج من الدراسات المنجزة للمحطات.
الغريب في الأمر أن الطرق المفترضة كأساس للدراسة هي طرق قديمة و قد تم البدء باستخدام بعضها منذ مائة سنة تقريبا”. و بنفس الوقت تم التغاضي عن مختلف أنواع الطرق الأخرى المناسبة و الحلول العصرية للتجمعات الصغيرة ذات الكلفة و التشغيل البسيطين و المناسبة للبلدان النامية مثل أحواض التحليل المطورة و أحواض أمهوف  الأراضي الرطبة و خنادق الأكسدة و برك الأكسدة بمختلف أنواعها و المعالجة البيولوجية الهوائية باستخدام الأوساط الخاملة المغمورة (Biofilm) و الأقراص البيولوجية و بعض الطرق اللاهوائية ….الخ.
مثال عن المحطات المدروسة حاليا” :
– القليعة- الدالية  (تهوية مطولة) مع ازالة آزوت – فوسفور) الغزارة الوسطية 7037  م3/يوم
– مشتى الحلو    ( تهوية مطولة)  الغزارة الوسطية 4589 م3/يوم
– مرج معيربان   ( تهوية مطولة) الغزارة الوسطية 826  م3/يوم
– الحسكة         ( تهوية مطولة) الغزارة الوسطية 74729 م3/يوم  ؟؟  لا يوجد كود هندسي في العالم  كله يسمح بالتهوية المطولة لمثل هذا التدفق الهائل (حل غير اقتصادي)
– دير الزور      ( تهوية مطولة) الغزارة الوسطية  87085 م3/يوم ؟؟   لا يوجد كود هندسي في العالم  كله يسمح بالتهوية المطولة لمثل هذا التدفق الهائل ( حل غير اقتصادي )
 و ليس من المعروف سبب عدم اعتماد التدرج بتطبيق المعالجة الشاملة بالقطر و على سبيل المثال يمكن إدراج تجربة الولايات المتحدة بهذا المجال:
أشار التقرير الصادر عن وكالة التحكم بتلوث المياه الأميركية و المقدم إلى الكونغرس الأمريكي عام 1992 إلى ما يلي ((Syed Qasim, 1999: توجد في الولايات المتحدة الأمركية (15631) منشأة لمعالجة المياه الملوثة. و قد بدأت في مد خطوط الصرف الصحي عام 1855. و بدأت بمعالجة المياه الملوثة عام 1901 باستخدام المرشحات البيولوجية , و في عام 1909 بدأت باستخدام أحواض أمهوف  و في عام 1941 بدأت تعقيم المياه المعالجة بالكلورايد. و بدأت باستخدام نظام الحمأة المنشطة عام 1916. من بين 15613منشأة للمعالجة الملحوظة عام 1992 أي بعد مرور 90 عاما من بدء المعالجة تتوزع هذه المنشآت وفق ما يلي  :
–         1981 منشأة تجميع مياه صرف صحي لا تملك معالجة.
–         868   منشأة تعالج معالجة أولية.
–         9086 منشأة تعالج معالجة ثانوية.
–         3678 منشأة تعالج معالجة ثالثية .
و خلال العشرين سنة الأخيرة تم التأكيد على المعالجة الثانوية للتحكم بالملوثات العضوية و النتروجينية (المستهلكة للأوكسجين ) بالإضافة إلى إزالة المواد الصلبة المعلقة. أما بالنسبة إلى استراتيجيات المعالجة الخاصة بالفوسفور و النتروجين فقد كانت محدودة بالقيود الصارمة بصرف المياه المعالجة على مسطحات المياه العذبة .
إن اتجاهات التصميم المستقبلية و التركيز الحالي يتجه نحو إيجاد طرق طبيعية قدر الإمكان تؤدي إلى تخفيض الكلفة و تخفيض استخدام الطاقة. و حديثا” فقد تم استخدام المناخل الناعمة من أجل إستبدال طرق تكثيف الحمأة و تجفيفها بالإضافة إلى استخدام المواد الصلبة  البيولوجية الناتجة و استخدام حرق الحمأة المكثفة مع صرف الحمأة المكثفة  مع الفضلات الصلبة الناتجة عن المنازل للتخلص منها معا .
بالإضافة إلى تحسين عمليات تصميم طرق المعالجة فإن هناك تأكيدا كبيرا” على ضرورة تأمين كادر ماهر لتشغيل و صيانة المحطة من أجل تخفيض تكاليف المحطات. إن السعي نحو تخفيض الطاقة المستهلكة و التوجه نحو طرق لا تحتاج للتشغيل الماهر بالإضافة إلى الصيانة تلعب دورا كبيرا في تخفيض التكاليف الرئيسية و التشغيلية لمحطات المعالجة .
يجب إجراء دراسة فعالة للكلفة اللازمة لتصميم و تنفيذ و تشغيل المحطة المطلوبة . إن تخفيض الكلفة الكلية للمحطة عبر تأمين بدائل أقل كلفة للمعالجة هو من الأمور الهامة التي يجب على المهندس المصمم أخذها بعين الإعتبار و خاصة أنه ليس لدينا كلف فعلية حول المحطات الصغيرة.
إن تخطيط و تصميم و إنشاء و تشغيل و صيانة منشآت معالجة المياه الملوثة أمر معقد فهو يخضع للظروف السياسية و الاجتماعية التقنية و لذلك فإنه بالإضافة إلى تأمين المعالجة المطلوبة فيجب تجنب حدوث أي آثار بيئية سلبية .
منذ عام 2000 تقريبا” و نحن نبحث و نجهد للقيام بمعالجة مياه مجاري القرى و التجمعات السكانية الصغيرة عبر المحاور الإقليمية. إذا” علينا إنفاق مئات الملايين على عملية جمع و نقل مياه المجاري و لم تبدأ المعالجة بعد. و بما أن المحاور المدروسة تمت بدون أخذ سبور التربة لتحديد مستوى المياه الجوفية و تحديد نوعية التربة فقد صادفت مشاريع تنفيذ خطوط المحاور الإقليمية عشرات المشاكل و بعضها متوقف لصعوبة إكمال التنفيذ بسبب اعتراض المحاور للأودية أو مرورها عبر المياه الجوفية. إذا” كنا نبحث عن حل لمعالجة مشكلة التلوث فبتنا نبحث على حل للمحاور الإقليمية الطويلة و مشاكلها و كل ملايين المدفوعة هي فقط لنقل مياه المجاري.
إن المحاور الإقليمية أخّرت تنفيذ مشاريع محطات المعالجة و في عام 2008 و بعد حوالي عشرة سنوات لدينا فقط بضع المحطات الصغيرة للتجمعات بين 3500-5000 نسمة تقريبا” كما في الرقة و اللاذقية. الشكل يبين بعض صور هذه المحطات و منها محطة مرج معيربان (826 م3/يوم):
بالنسبة الى محطة معالجة مرج معيربان و التي نفذت ضمن عقد لتنفيذ خمسة محطات صغيرة في اللاذقية بقيمة إجمالية 150 مليون ليرة سورية علما” أن عدد سكان القرى مجتمعة حوالي عشرين ألف نسمة، أي الكلفة للشخص الواحد 7500 ليرة سورية. و الملاحظة هنا أن التدفق الفعلي الداخل للمحطة  حوالي 13 متر مكعب بالساعة بينما التصميمي يفوق ضعف هذا الرقم و من هنا زادت القناعة أن كميات المياه المحسوبة على أساسها محطات المعالجة ليست واقعية. و من غير المتوقع لا من قريب و لا من بعيد أن تزداد كمية المياه الملوثة الداخلة للمحطة بسبب شح المياه في منطقتنا. و النقطه المهمة هنا يا ترى كم سندفع من أموال الخزينة العامة من مليارات من أجل تنفيذ المعالجة بطرق بيولوجية ميكانيكية. أليس من الأجدى البحث عن وسائل معالجة بسيطة و مرضية بدلا” عنها.
إذا” نخلص الى أن مباشرة بالعمل بمحطات المعالجة على مستوى بلد بأكمله يجب أن يتم بعد دراسات معمقة لوضع بلدنا كبلد لا يملك خبرة في هذا المجال من جميع النواحي (تصميم – تنفيذ – تجهيز – تشغيل و صيانة) و لا يملك كادر ماهر للتشغيل و يجب أن تبحث كل الخيارات المتاحة و تحديد منهجية التدرج بالمعالجة و ما هي درجة المعالجة المطلوب البدء بها، فليس المهم أن نحقق المعالجة المثالية بقفزة واحدة و إنما يجب تحقيق ذلك على مراحل مدروسة.
·       سلبيات طريقة التهوية المديدة:
طالما أنه تم تبني طريقة التهوية الطويلة كحل استراتيجي في سورية إذا” سوف نتطرق إلى مشاكل هذه لطريقة و مساوئها التي ذكرت في المراجع العلمية المختصة:
1- تستخدم للتدفقات الصغيرة حتى 3780 متر مكعب باليوم (حوالي 40 ألف نسمة) حسب أغلب المراجع و الكودات العالمية و فوق هذا الحد بشكل كبير يصبح استخدامها غير مجدي اقتصاديا”.
و بغض الطرف قليلا” حتى 100 ألف نسمة فإننا نقول أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال اعتماد طريقة التهوية المطولة لمعالجة مياه المجاري للمدن المتوسطة و الكبيرة كما حدث مع بعض المدن بالمنطقة الشرقية (الحسكة – دير الزور) التي يبلغ عدد سكانها عدة مئات من الألوف، حيث تم اعتماد طريقة التهوية المطولة لمئات الآلاف من السكان.
2- تحتاج إلى أحواض تهوية أكبر 3-6 مرات عما هو عليه في طريقة الحمأة المنشطة التقليدية.
3- حساسة و غير متوافقة مع أي تغييرات في التشريعات المستقبلية.
4- غير قادرة على إزالة المغذيات (نتروجين و فوسفور) و لذلك فهي تحتاج إلى إضافة أحواض لتحقيق إزالة النتروجين و الفوسفور.
5- معظم محطات التهوية المطولة تنتج مياه نهائية ذات نوعية متدنية مقارنة مع الحمأة المنشطة.
6- معرضة لانتفاخ الحمأة ببكتريا من النوع (Microthrix parvicella ) بسبب عمر الحمأة الطويل. و كذلك معرضة لمشاكل الرغوة ضمن أحواض التهوية بسبب بكتريا النوكارديا التي يحفز نموها عمر الحمأة الطويل و نسبة F/M المنخفضة.
7- تستهلك كميات كبيرة جدا” من الطاقة. و خاصة اذا علمنا أن أحواض التهوية تستهلك 80 % من الطاقة اللازمة لمحطة المعالجة تقريبا”.
8- التشغيل الطويل و المستمر لأجهزة التهوية و المضخات يؤدي حتما” إلى التعطل المتكرر لهذه الأجهزة مما يترافق بكلف صيانة و تشغيل مرتفعة. مع العلم أنالتجهيزات مستوردة من الخارج.
9-  التهوية الزائدة تؤدي الى فساد الحمأة الناتجة كما أن الحمأة الفائضة تحتاج لمكثفات ميكانيكية.
·       نقاط استفهام كبيرة حول الجدوى الاقتصادية المعتمدة في تقييم الكثير من محطات المعالجة المدروسة:
لا أريد الإسهاب كثيرا” في نقض الدراسة الاقتصادية التبريرية للحل المستخدم و هو طريقة التهوية المطولة و لكن أكتفي بذكر ما يلي:
1- جرت العادة اعتماد الكلف التقديرية بناء” على كلف مشاريع مشابهة منفذة على أرض الواقع. و ذلك حتى يكون التقدير سليما”.
2- الدراسة الاقتصادية المعتمدة تستند على أرقام و كلف مالية مأخوذة من محطات معالجة كبيرة منفذة للمدن الرئيسية في سورية بما يتعلق بالحمأة المنشطة و بعضها غير منفذ مثل المرشحات البيولوجية و هذه الكلف المعتمدة هي بالأصل قديمة و لا يمكن تبرير الاعتماد على نتائجها مطلقا”. ان هذا السبب لوحده كافي لرفض مجمل الدراسة المقترحة. لأن الكفة تزيد كلما تناقص عدد السكان المخدمين بمحطة المعالجة كما يبين الرسم التالي:
إن أساس الدراسة المعتمدة حاليا” في الجدوى الاقتصادية مأخوذة عن دراسة أعدها أحد مهندسي شركة الدراسات للمحطات الكبيرة ( في دمشق مثلا”) المنفذة منذ سنوات عديدة خلت.
3-  هكذا ورد في دراسة الجدوى الاقتصادية:
– تحسب كلفة التأسيس  في محطات الضخ ضمن المحطة تبعا” للمساحة التي ستشغلها و تقدر الكلفة بـ 15000 ليرة سورية للمتر المربع الواحد. و هذه الميزة  في تحديد كلفة محطات الضخ تشمل جميع المحطات  المدروسة و بمختلف أعداد السكان المخدمين. هل من المنطقي هذا الحساب؟؟؟؟ و ما هو تأثير الزيادة في اسعار المواد الخام على هذا الرقم وامثاله؟
–  تم حساب التكاليف التقديرية  للأعمال الميكانيكية  على اعتبار كلفة الكيلو واط الساعي 225000 ليرة سورية. و السؤال الذي يتبادر للذهن هل يمكن اعتماد هذا الرقم في محطة تخدم  من 2 الى 3 مليون نسمة مع محطة تخدم 100 ألف نسمة أو حتى 10 ألاف نسمة ؟؟؟
– في معظم المقارنات كان الفرق بين طريقة الحمأة المنشطة و التهوية المديدة بضعة مئات الألوف مقارنة مع مئات الملايين ككلفة إجمالية مع التشغيل و الصيانة و هذا ما نجده في دراسة بعض المحطات. و هذا من حيث المبدأ يلغي الحاجة الى اعتماد التهوية المطولة هنا لانها تحتاج الى 30 ساعة تهوية مقابل 6 ساعات في الحمأة المنشطة و ما يترتب على ذلك من كبر أحواض التهوية.
إذا” الخلل واضح في دراسة الجدوى الاقتصادية و هذا ينسف كليا” الدراسات التبريرية المقدمة لترجيح طريقة على طريقة. ما بني على باطل فهو باطل و هذه المقولة تنطبق تماما” على وضعنا فنحن لا ندري أين هي الدراسات الحقيقية للكلف و لماذا لم يتم الاستفادة من كلف المحطات الصغيرة بالدول لعربية المجاورة و المر الثاني أن الطرق الثلاثة المختارة للمقارنة بينها هي طرق قديمة تعود لعشرات السنين و لم يتم لحظ أي طريقة من الطرق الحديثة التي توفر الطاقة و الرخيصة والتي لا تحتاج لكادر تشغيل متمرس و تعطي نتائج معالجة أفضل من التهوية المطولة.
لم يتم لحظ وجود حوض الـ SELECTOR الذي يستخدم للتحكم بتشغيل محطة المعالجة و منها البكتيريا الخيطية المسببة لانتفاخ الحمأة وهذه البكتريا تظهر بسبب عمر حمأة طويل و نسبة F/M منخفضة (تهوية مطولة)  في الغالبية العظمى من الدراسات المقدمة. كل ما سبق يعتبر دليل واضح على وجوب تطوير الخبرات الوطنية الدارسة.
4- قدمت الشركات الماليزية دراسات تفصيلية لمحطات المعالجة و استخدمت تقنيات متقدمة لمعالجة و إزالة المغذيات (نتروجين و فوسفور) و مبدأ هذه الطريقة تقوم على تتابع ثلاثة احواض مختلفة أولها دخول مياه المجاري لحوض لاهوائي يساعد على التخلص من الفوسفور لاحقا” في حوض التهوية و من ثم تدخل المياه الى حوض شبه لاهوائي(أنوكسيك) حيث يتم فيه تحويل النتريت و النترات الى غاز النتروجين و من ثم تدخل المياه الى حوض التهوية لازالة الفوسفور و المواد العضوية. ان هذه الطريقة مكلفة جدا” و تحتاج الى خبرة عالية جدا” في التشغيل و أي خلل في أي من المراحل سيؤدي الى فشل الغاية من المحطة كما انها تستهلك طاقة كبيرة و مواد كيميائية كثيرة. يجب تقييد تنفيذ هذه الطريقة بشكل صارم جدا”( كأن يكون التصريف النهائي للمياه المعالجة إلى مصدر مائي للمياه العذبة). و اعتمدت هذه الدراسة للقرداحة مثلا” و احتوت على وحدات لإزالة الروائح و للتخلص من الحمأة عبر عمليلت متنوعة و السؤال الذي يطرح نفسه ” ماذا لو خرجت وحدة ازالة الروائح الكريهة عن العمل؟ و ماذا لو خرجت وحدة تجهيزات معالجة الحمأة عن العمل لسبب ما؟ ما هو الحل البديل و هل لدينا الكادر الماهر لتشغيل مثل هذه المحطات؟.
·        نتائج مستخلصة من تقرير جايكا الذي يعد لوزارة الإسكان و التعمير 2008-2007 حول خطة تطوير نظام الصرف الصحي:
يعتبر تقرير (المسودة النهائية) جايكا لعام 2008-2007 تقريرا” علميا” تقنيا” شخّص الواقع السوري بشكل مفصّل و تطرق إلى مجمل النواقص في قطاع الصرف الصحي في سورية و اقترح الحلول لها. و هنا نشير الى أهم النقاط الواردة بشكل موجز:
1- تم تحديد حمولات التلوث الفعلية في سورية  حسب مايلي:   SS = 360  mg/l              BOD = 310 mg/l
و أما المعتمدة عموما” في دراساتنا المحلية فهي 400 ملغ/ل للـ BOD و 460 ملغ/ل  SS   وهذا يعني ببساطة أن الزيادة الحالية بالحمولات 25 % أي أن التكاليف يمكن خفضها 25%.
2- بين التقرير طرق المعالجة القابلة للتطبيق للتجمعات القروية في سورية و هي: الحمأة المنشطة، التهوية المطولة، خنادق الأكسدة، الأراضي الرطبة، أنظمة النمو المتصل المغمورة.
مقياس استملاك الأرض
القابلية للري
– درعا
– ريف دمشق
– طرطوس
– اللاذقية
– الرقة
– دير الزور
– الحسكة
كبير
عالي
1) الأرض الرطبة
+
+
2) أحواض الأكسدة
+
+
+
3) التهوية المديدة التقليدية
+
+
+
4) عمليات النمو المتصل المغمور
+
5) الحمأة المنشطة التقليدية
+
+
صغير
منخفض
و بالمفاضلة بين هذه الطرق قام باعتماد الحلول الثلاثة الأخيرة كحل مناسب لسورية لأسباب قام بشرحها و تعليلها. و نصح التقرير بضرورة اعتماد السلطات الحكومية السورية على الطرق المبسطة و سهلة التشغيل ريثما يتوفر لدينا الوقت للتمرس و التعلم و الاستفادة من الأخطاء للبدء بعملية مدروسة و ممنهجة لتطوير قطاع محطات المعالجة في سورية على نحو علمي واضح المعالم.
3- ضرورة توفر كادر متمرس و خبير بمجال ادارة مياه الصرف الصحي و معالجتها في وزارة الإسكان و التعمير.
4- الطرق المعتمدة حاليا” في سورية للتخطيط و التصميم عتيقة الطراز.
5- أظهرت البيانات و التجارب عكس ما يعتمده و يعتقده المهندسون الاستشاريون في سورية حول أن التركيز (للملوثات) في الموسم الجاف أعلى منه في الموسم الماطر إضافة الى تثبيتهم حمل التلوث و يحسبون تركيز الداخل لمحطة المعالجة تبعا” لموسم الجفاف.
6- خطأ تعميم طريقة التهوية المطولة .
7- عدم وجود دراسات حقيقية مفصلة لأحمال التلوث من حيث BOD –  SS –  NH4  و هذه الأحمال أساسية جدا” في تحديد طريقة المعالجة و كان يجب القيام بمسح خاص للأحمال مع الحصول على بيانات مسهبة و أن يغطي المسح مساحات واسعة من القطر.
8- لا يوجد أية اجراءات تخطيط مناسبة بسبب نقص الخبرة و المعرفة و لا توجد أية معايير لتحديد أولوية المشاريع اعتمادا” على ضبط التلوث أو دراسة نتائج الأثر البيئي و لا يوجد كود سوري لتصميم محطات المعالجة.
9- إن استهلاك الفرد من المياه العذبة لا يتوقع له أن يزداد في المستقبل بسبب شح المياه و هذا أمر أساسي في تصميم شبكات الصرف و محطات المعالجة. هذا يعني تصميم مشاريع الصرف الصحي على قيم مستقبلية بعيدة عن الواقع مما يسهم في زيادة النفقات من غير مبرر
 10- كنموذج للمقارنة نأخذ خيارات المعالجة لمدينة بانياس، حيث حصلت خنادق الأكسدة على 14 نقطة و التهوية المطولة على 11 نقطة و الحمأة المنشطة على 2 نقطة. و هنا نتساءل عن صحة دراسات الجدوى الاقتصادية التي كانت تساوي تقريبا” بين طريقة التهوية المطولة و الحمأة المنشطة و يجب أن نعلم أن الجدوى الاقتصادية ليست معيار منزّل من السماء و إنما هناك اعتبارات أخرى متنوعة للمفاضلة بين الطرق كما ورد في الدراسة اليابانية و الماليزية.
هناك العديد من العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار عند أخذ القرار الأنسب لطريقة معالجة مياه المجاري و ما يلي ذلك من المراحل اللازمة للمعالجة للوصول الى الأهداف المنشودة. بعض هذه العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار عند اختيار و تصميم محطة المعالجة عرضت بالجدول .
و من الجدول نجد أن التركيز في سورية يجب أن يتجه نحو برك الأكسدة المتنوعة و الأراضي الرطبة و خنادق الأكسدة. و خاصة حيث الأرض الواسعة المتوفرة و في المناطق الوسطى و الشمالية و الجنوبية و الشرقية.
رابعا”:  نتائج و توصيات نهائية
الخطوات الأساسية التي كان من المفترض أن تتضمن الخطوات الأساسية لإعداد استراتيجية وطنية شاملة للتجمعات السكانية في القطر تتلخص بما يلي:
1-  جمع معلومات مفصلة عن التجمعات من حيث عدد السكان و كمية المياه الفعلية المتوقعة (وليست النظرية كما هو متبع حاليا”) و حمل التلوث الفعلي. يمكن معرفة ذلك عبر اتباع تعميم المعالجة الأولية و دراسة تدفقات المياه و حمولات التلوث لفترة بين 6 أشهر الى سنة للوصول الى قيم حقيقية للقيم التصميمية. الصورة تبين نهاية أحد المحاور في شمال حلب قرب الحدود التركية و نلاحظ أن نسبة الامتلاء لا تزيد عن 20 % بأحسن الأحوال.
2-  الطبيعة الطبوغرافية و الظروف المناخية لكل تجمع أو لكل قرية منفردة
3-  الظروف التاريخية للموقع (أهميته التاريخية)
4-  الظروف السياحية
5-  قرب المنطقة المدروسة من الأنهار أو البحيرات التي تستخدم كمصدر للشرب أو للاستجمام و منسوب المياه الجوفية في المنطقة.
6-  ترجمة البيانات السابقة الى خرائط مقسمة الى مناطق حسب الظروف المناخية و السياحية  و التاريخية
7-  اعطاء نقاط للتجمعات و القرى فمثلا” أن تكون المحطة المثالية تستحوذ على عشرة نقاط مقسمة الى طبيعة التجمع و ميزاته و …الخ، و من ثم تحديد قائمة شاملة للمحطات مرتبة حسب النقاط لمعرفة الأولوية بالتنفيذ لا أن يكون الاسلوب هو المحاصصة بين المحافظات.
8-  أن تكون الأولوية لمحطات المدن الكبيرة كاملة و من ثم الأصغر فالأصغر حتى لا يتم تبديد الأموال و الجهود الوطنية هنا و هناك.
9-  التوجه الجدي نحو المعالجة المنفردة بالمكان للمنازل عبر نماذج حديثة و فعالة من أحواض التحليل و التواليتات البيئية و الاستفادة من خبرة الدول المتدقة بأنظمة نقل مياه المجاري الحديثة الخاصة بالتجمعات القروية و التجمعات ذات المنازل المتباعدة أو ذات الطبيعة الصخرية و الي توفر 50% تقريبا” من كلفة تنفيذ شبكة المجاري التقليدية كما هو الحال بقرى الساحل الجبلية. كما أن الوحدات المدمجة تشكل نموذجا” جيدا” لمعالجة مياه مجاري القرى لتخفيض التكاليف.
10-         وضع بدائل عامة لطرق المعالجة المفضلة بحيث تكون سهلة التنفيذ و بسيطة التشغيل تناسب وضع بلدنا من حيث غياب الخبرة التشغيلية المحترفة اضافة الى وضع الطاقة في ظل الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي علاوة على عدم توفر القطع الميكانيكية التبديلية للمحطات و استيراد المواد الكيميائية المستخدمة بالمعالجة. و على سبيل المثال خنادق الأكسدة و الأراضي الرطبة …الخ.
11-         بسبب النقص الشديد بالمحطات الصغيرة في سورية فيفترض أن يتم تنفيذ نماذج مصغرة حقلية أو مخبرية لطرق المعالجة المختلفة الممكن تطبيقها في بلدنا حسب متطلباتنا و بناء” على تقييم هذه الوحدات المصغرة يمكن اتخاذ قرارات سليمة فيما يتعلق بأسلوب المعالجة الناجح.
12-        تنفيذ معالجة اولية عامة لمختلف التجمعات المراد تنفيذ محطات معالجة لها حيث تخفض هذه المعالجة الأولية (عبر تنفيذ أحواض تحليل ضمن شبكات المجاري مثلا”) قيم حمولات التلوث الى حدود 35-50 %.
13-        البدء بالمعالجة الثانوية كمرحلة ثانية مع شروط أكثر تشددا” حسب الأهمية و بحالة الضرورة القصوى يتم تنفيذ المعالجة الثالثية خصوصا” اذا كان المصب النهائي هو مصدر للمياه العذبة.
14-        إن طريقة المفتاح باليد المتبعة حاليا” يشوبها عدد من الثغرات منها تحديد طرق معينة مفروضة على العارض و كان من المفروض أن تكون مفتوحة و أن تكون هناك مجموعة وطنية خبيرة تحدد الخيارات المناسبة لكل تجمع. يمكن أن تتألف لجنة الخبراء من الخبراء المحللين ولا يمنع الاستعانة بالخبراء العرب أو الأجانب بحيث يتم اختيار الطريقة الأنسب و الأكثر اقتصادية.
15-        إن معظم المكاتب الاستشارية الخاصة و الوحدات الهندسية الجامعية التي يقع عليها مناقصة دراسة محطات المعالجة غير قادرة على الدراسة عمليا” لذلك تلجأ إلى مهندسي الشركات العامة للقيام بدراسة المحطات أو لغيرهم و من ثم تقوم المجموعة الدارسة الفعلية أو غيرها بالتدقيق على نفس الدراسة بحيث يكون المهندس المدقق هو الدارس الفعلي و بالتالي تفقد الدراسة دقتها. إن تنوع الدراسات التصميمية و الجهات الدارسة يغني الخبرات الوطنية. و السؤال هنا ” هل الوحدات الهندسية على قدر المسؤولية و الثقة التي منحت من قبل الحكومة لها بسبب عدم أهليتها التقنية” ؟. نرى أنه من الضروري مراجعة تجربة الوحدات الجامعية بدراسة مشاريع محطات المعالجة.
16-        لا بد من المصارحة فيما بيننا فالبلد ليس بحاجة لأن تتحول بعض عقود تصميم و تدقيق محطات المعالجة إلى سوق للسمسرة. هل تحول الأمر إلى عملية استثمار الواقع المر الذي يعيشه بلدنا بمجال محطات المعالجة للاستفادة الشخصية المالية على حساب التخطيط الوطني السليم. من حق الجميع أن يستفيد و لكن ليس على حساب مصلحة الوطن… إن من يستحق اللوم هم بعض أساتذة الجامعة في وحدات الهندسة الصحية و أقسام الهندسة البيئية فقد كان همهم السعي نحو الحصول على العقود و من ثم يبحثون عمن يدرسها لهم مقابل أجر ما. لم نرى إسهامات معطمهم في وضع خطط وطنية لادراة مياه الصرف الصحي و مكافحة التلوث عموما” و لم نرى لهم أي دور فعّال في رفع سوية مهندسي الشركات العامة و خصوصا” شركة الدراسات الفنية في مجال محطات المعالجة .
17-        إن الخطوط الاقليمية الطويلة المدروسة لها العديد من المآخذ بحيث أن بعضها يصل الى عشرات الكيلومترات و هذا سيؤدي الى تغير بطبيعة مياه المجاري و ترسبها ضمنها بسبب قلة المنصرفات كما سيؤدي الى تأخير تنفيذ المشاريع و الخطط المستقبلية بحال وجود عوائق طبيعية (مياه جوفية – أعماق حفر كبيرة –…الخ) خصوصا” ان المحاور درست بدون سبور للتربة. و كان الافضل عدم نقل التلوث من مكان الى مكان آخر و معالجة المياه الملوثة في المكان .
18-        ان الوضع الحالي لمحطات المعالجة يدعو للقلق بحيث لا نملك في سورية خبراء متمرسين في مجال تشغيل محطات المعالجة كما أن التجهيزات الميكانيكية و الكهربائية مستوردة  و هذا ما سيوقعنا بالفشل المحتوم لمحطات المعالجة علاوة” على ان الصرف الصناعي سيبطل و سيشل هذه المحطات بتأثيره السلبي المباشر على المعالجة البيولوجية كما يحصل حاليا” في محطة معالجة حمص. و الشكل التالي يبين الاستراتيجيات العامة لمعالجة مياه المجاري حسب وكالة الأمم المتحدة لحماية البيئة. من الشكل المرفق نجد أن التوجه الصحيح يقودنا الى طرق المعالجة البسيطة كحل استراتيجي مرحلي بسبب عدم توفر كادر تشغيل. كما ان الشكل الآخر المرفق يبين الخطة الوطنية لمحطات المعالجة في لبنان الشقيقة.
الشكل يبين الإستراتيجية العامة لاختيار طريقة المعالجة لمياه الصرف الصحي (صادرة عن البنك الدولي)
الشكل  يبين الخطة الوطنية اللبنانية لمحطات المعالجة
لا يمكننا القول بأي حال من الأحوال أن لدينا استراتيجية وطنية لمعالجة مياه المجاري. إن التخبط الذي نعيشه في هذا المجال سببه عدم التخطيط السليم و نقص الكادر المحترف في مختلف المؤسسات و الوزارات الحكومية. و حتى الكادر الأكثر خبرة كما في الشركة العامة للدراسات الفنية لم تتم رفع سويته و كل ما قدموه كان جهدا” ذاتيا” يستحقون عليه الثناء و التقدير والاحترام، فالتطوير و التحديث بقي ضمن نطاق الخطابات و البيانات و لم يتحول إلى واقع ملموس. و لابد للخروج من هذا المأزق من أن يتم حوار جدي و صريح عبر مؤتمر وطني ترعاه الحكومة و تدعو إليه كل الفعاليات الوطنية بحيث يكون مخصص لمناقشة وضع محطات المعالجة في بلدنا الحبيبة على قلوبنا جميعا” و أخذ قراراتها و اقتراحاتها موضع التنفيذ.
19- تشجيع الشركات الوطنية الخاصة و العامة على الاتجاه نحو تصنيع و تركيب تجهيزات محطات المعالجة مما له أثر كبير في خدمة الصالح العام.
20- إن كل ما سبق لا يعني أنه ليس لدينا في شركاتنا و وزاراتنا خبرات مهمة في مجال الصرف الصحي و انما يجب تنمية مهاراتهم و صقلها و منحها الدعم الكامل للعمل و استثمارها لمصلحة البلد و تطويره. و لا نقول إن التهوية المطولة غير قابلة للتطبيق فهي ذات فاعلية في المناطق الصغيرة خاصة الساحلية و لكن نقول أن الخطأ في تعميمها.
لا نوجه اللوم لأحد فأغلبنا مقصّر و لكن يجب أن تتضافر جهود الجميع بصدق و إخلاص حتى ننهض بمشاريع معالجة و ادارة المياه الملوثة بنجاح و بإنفاق المال العام بحقه.
ملاحظة هامة : نعود و نكرر أننا لا نقصد أحدا” بعينه في هذا التقرير و نرحب بالحوار البناء مع جميع الأطراف المهتمة مما سينعكس بالخير على بلدنا المعطاء
المراجع العلمية
1– Medcalf & Eddy (( Wastewater Engineering )) INC , USA 1991
2- ASCE. “ Design of  Wastewater Treatment Plants”. USA,1998
3- C.Ron & T.G eorge (( Small and Decentralized Wastewater Management Systems USA 1998 .
4- G.K.Santosh G.rajes hwavi. (( Sweage Disposal )) India 1995
5- J.Sorab Arceivala (( Simple Methods for Wastewater treatment )) Turkia  1973
6- G.K.Santosh G.rajes hwavi (( Sweage Disposal )) Endia 1995
7- US-EPA. “ Voluntary National Guidelines for Management of Onsite and Clustered (Decentralized) Wastewater Treatment Systems”, 2003
8- Syed Qasim. “Watewater treatment plants” 1999
9- “Decentralised and sustainable wastewater management”, Ministry of Environment, Germany, 2006
10- Ruth E Weiner Robin A. Matthews. “ ENVIRONMENTAL ENGINEERING”, Fourth Edition USA 2003
11- الوكالة اليابانية جايكا. “دراسة حول تطوير نظام الصرف الصحي في الجمهورية العربية السورية” 2007

12- تقارير و دراسات وطنية حول محطات المعالجة

13-  د.م أحمد فيصل الأصفري ” منظومات الصرف الصحي ومعالجة مياه المجاري” الكويت 1997  

14-  الكود المصري (( الجزء الثاني )) عمليات معالجة مياه الصرف الصحي في التجمعات السكانية الصغيرة 1997 .
ملاحظة: جميع محتويات الموقع ذات حقوق محفوظة و لايسمح بإعادة النشر أو الاستخدام إلا بعد أخذ إذن مدير الموقع حصريا” تحت طائلة المسؤولية.