» إدارة النفايات الصلبة

تطوير عمليات التخلص من النفايات البلدية الصلبة

د. وليد محمد زاهـد

مع ازدياد عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الصناعي والتقني السريع تنوعت وازدادت كميات النفايات الصلبة الناتجة من الأنشطة البشرية المختلفة و أصبحت عملية التخلص منها من ابرز المشاكل التي تواجه المدن و التجمعات البشرية نظراً لما تشكله هذه النفايات من أخطار على البيئة و مواردها الطبيعية و على صحة الإنسان و سلامته. لذلك فإن وضع نظام إدارة متكامل للنفايات الصلبة اصبح من أهم عناصر استراتيجيات تطوير المدن.

تتضمن الإدارة التقليدية للتخلص من النفايات البلدية الصلبة عمليات جمع النفايات و نقلها و ردمها أو حرقها. وقد تطور مفهوم التخلص من النفايات الصلبة خلال العقود السابقة و بدأت برامج إدارة النفايات تركز على عناصر أخرى تشمل: الحد من إنتاج النفايات و تقليل إنتاجها، إعادة تصنيع بعض مكونات النفايات لاستعمالها مرة أخرى، إنتاج الطاقة والمواد المحسنة للتربة و غيرها من المنتجات من عمليات التحويل الحراري و الحيوي لبعض مكونات النفايات، و الدفن الصحي للمواد المتبقية التي لا يمكن استرجاعها أو الاستفادة منها.
تتناول هذه الورقة المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها الإدارة المتكاملة للنفايات البلدية الصلبة و وسائل تحقيقها، و خيارات التخلص من النفايات. كما تبين الورقة ماهية بعض أهم طرق التخلص الحديثة و تشمل عمليات التحويل الحراري و الحيوي و الدفن الصحي، مع توضيح لأهم منتجات هذه العمليات الممكن استغلالها، و الاعتبارات البيئية و الهندسية و الاقتصادية المتعلقة بإمكانية تطبيقها.

مـقــدمـة:

النفايات البلدية الصلبة هي المواد الصلبة و شبه الصلبة غير الخطرة المتولدة من المناطق السكنية و التجارية و الصناعية و المرافق الرئيسية و الخدمات البلدية و عمليات الإنشاء و الهدم، و التي يتخلص منها على أنها عديمة النفع و غير صالحة للاستعمال. و عادة ما تقوم البلديات بالتعامل مع النفايات البلدية بجمعها و التخلص منها. أما النفايات الطبية و الصناعية الصلبة فلا تعد نفايات بلدية نظرا لخصائصها الخطرة. و عادة ما تمثل النفايات المنزلية و التجارية الجزء الأكبر من النفايات البلدية الصلبة حيث تتراوح نسبتها ما بين 50% إلى 75% بالوزن، و تتفاوت النسبة حسب حجم عمليات الإنشاء و الخدمات البلدية و المرافق الأساسية. تشمل أهم مكونات النفايات البلدية الصلبة المخلفات الغذائية و الورق و الزجاج و البلاستيك و المعادن و بعض المخلفات الخطرة من بطاريات و مطاط و حاويات المبيدات الحشرية و خلافه. و تتفاوت نسب هذه المكونات حسب مستوى المعيشة و طبيعة المناخ و عوامل أخرى كثيرة. ففي المملكة العربية السعودية تشكل المخلفات الغذائية و الورق نسب عالية من وزن النفايات المنزلية و التجارية تصل إلى 34% و 32% على الترتيب، بينما تتراوح نسبة بقية المكونات كالمعادن و البلاستيك و الزجاج و البلاستيك و الأخشاب و المطاط ما بين 3% إلى 7%. أما في دول شمال أمريكا فتشكل المخلفات الورقية نسبة كبيرة تصل إلى حوالي 45% من وزن النفايات المنزلية الصلبة نتيجة الاستخدام العالي للورق في تغليف و تعبئة المنتجات بالإضافة إلى ازدياد عدد صفحات الصحف لتلبية طلبات الإعلانات المتزايدة.
إن التخلص من النفايات البلدية الصلبة مشكلة تواجه المسئولين في أجهزة النظافة و صحة البيئة في جميع مدن العالم خاصة المدن السريعة النمو حيث تتنوع و تزداد كمية النفايات المطلوب التخلص منها يوماً بعد يوم. ففي مدينة الرياض مثلاً ازدادت كمية النفايات البلدية الصلبة المجمعة يومياً من حوالي 5 آلاف طن في عام 1994م إلى أكثر من 6 آلاف طن في الوقت الحاضر. و لكن و في نفس الوقت تطورت و تعددت تقنيات و عمليات التخلص و ما زالت لتقدم حلولاً متنوعة تعتبر النفايات مورد يمكن استعماله و استثماره بدلا من دفنه أو حرقه. و أصبحت هذه التقنيات متناسقة مع مبدأ التنمية المستدامة الذي يدعو إلى التوازن بين البيئة و التنمية من خلال الاستغلال الأمثل للموارد و الإمكانات المتاحة لضمان استمرار التنمية بما يخدم احتياجات الأجيال الحالية و بدون إضرار بمتطلبات الأجيال القامة.
فعملية التخلص بالدفن تطورت و أصبحت أقل تلويثاً للبيئة من خلال تطبيق تصاميم هندسية تحد من تحرك الملوثات الناتجة من تحلل النفايات. كما أصبح بالإمكان استرداد غاز الميثان المتولد من تحلل النفايات داخل المدافن الصحية و استعماله كمصدر للطاقة. و تطورت كذلك عمليات التخلص بالحرق و أدخلت عليها تحسينات للاستفادة من الطاقة الناتجة من عملية الاحتراق إما لتسخين المياه أو لأغراض التدفئة أو لإنتاج الطاقة الكهربائية، أو لتحويل النفايات إلى مركبات أخرى كالغاز الطبيعي و زيوت و قطران و غير ذلك من المواد الممكن الاستفادة منها بشكل أو أخر.
إن تعدد و تنوع طرق التخلص و تطورها السريع يشير إلى انه يوجد أكثر من حل لمشكلة التخلص من النفايات البلدية الصلبة. لذلك فانه من الضروري دراسة هذه الوسائل و اعتبار أبعادها الاقتصادية و الهندسية و البيئية.

الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة:

ترتكز الإدارة الحديثة المتكاملة للنفايات البلدية الصلبة على المبادئ الأساسية التالية:
1. المحافظة على الموارد الطبيعية.
2. استرداد الموارد.
3. حماية البيئة و الحد من تلوثها.

و يمكن تحقيق ذلك عن طريق:

(1) تخفيض كمية و سمية النفايات من المصدر: 
من الوسائل المتبعة لتخفيض كمية و حجم و سمية النفايات ما يلي:
• استعمال مواد أقل في تصنيع المنتجات (منتجات أخف).
• استعمال المواد القابلة للتحلل أو الأقل ضرراً على البيئة في تصنيع المواد و السلع (مثل البلاستيك القابل للتحلل الحيوي).
• تخفيض كمية مواد تغليف السلع و المنتجات (مثل إنتاج منظفات ملابس مركزة في علب صغيرة).
• إنتاج و استعمال سلع تدوم لفترة أطول و سلع يمكن إعادة استعمالها بشكل مباشر(مثل إطارات و أجهزة منزلية ذات نوعية عالية).
• إعادة استعمال المواد و المنتجات بشكل مباشر في المصدر (كالطباعة على وجهي الورق، التبرع بالملابس و غير ذلك من الأغراض المنزلية القديمة أو غير المرغوب فيها إلى الجمعيات الخيرية أو من يحتاجها، إعادة تعبئة الأوعية الزجاجية).
• استبدال المنتجات التي تستعمل لمرة واحدة بالمنتجات القابلة للاستعمال لمرات عديدة (مثل حفائظ الأطفال القماشية، صحون و كاسات البلاستيك و الزجاج، و مناشف التنظيف القماشية)
• التوعية بشكل مستمر لتغيير العادات الاستهلاكية لدى السكان.
و يبدو أن تخفيض كمية و خطورة النفايات من المصدر مبدأ بسيط و لكن تحقيقه صعب جداً من الناحية العملية في كثير من المجتمعات. و مع ذلك فإنها الطريقة الأفضل و الأكثر فاعلية في إدارة النفايات الصلبة و يعتمد نجاحها على الوعي و التعليم و السلوك الاجتماعي و المستوى الثقافي.

(2) إعادة تدوير النفايات: 
المقصود بإعادة تدوير النفايات هو استخلاص أو فرز بعض مكونات النفايات و إعادة تصنيعها أو معالجتها لانتاج نفس المادة أو منتجات أخرى مثل المواد المحسنة للتربة و الغاز الحيوي و وقود لإنتاج الطاقة و بعض المواد الكيميائية العضوية (مثل الميثانول و الإيثانول). ويعد الورق، الورق المقوى، الزجاج، الألمنيوم، الحديد، الفولاذ، و البلاستيك من أهم مكونات النفايات الممكن إعادة تصنيعها.
تتلخص الفوائد الناجمة من تخفيض كمية و سمية النفايات و إعادة تدويرها فيما يلي:
• تقليل كمية النفايات المطلوب التخلص منها بشكل نهائي مما يوفر مساحات كبيرة من الأراضي اللازمة لدفن النفايات.
• تقليل كمية النفايات المنتجة في المستقبل.
• تقليل استهلاك المواد الخام في تصنيع المواد و المنتجات.
• تقليل استهلاك الطاقة في عمليات التصنيع و الإنتاج. فالطاقة اللازمة لاعادة صناعة علب الألمنيوم أقل بحوالي 95% من الطاقة اللازمة لصناعتها من المادة الخام (البوكسيت)، كما أن إعادة تدوير الورق و البلاستيك توفر حوالي 80% من الطاقة اللازمة لصناعتها من المواد الخام.
• الحد من تلوث البيئة الناتج من عمليات التنقيب عن المواد الخام و استخراجها و تجهيزها و ما يلي ذلك من عمليات تصنيع و ما تتطلبه من طاقة، هذا بالإضافة إلى التلوث الناتج من دفن النفايات و تأثيره على الموارد الطبيعية خاصة المياه الجوفية.

التخلص من النفايات البلدية الصلبة:

تمر عملية التخلص من النفايات البلدية الصلبة بمراحل عدة و تبدأ بالجمع و النقل ثم التخلص النهائي. و تشمل أهم طرق التخلص التقليدية عمليات بسيطة مثل الحرق في مرامي مكشوفة خارج المدن، الرمي في المسطحات المائية مثل البحار و المحيطات، و الدفن في مكبات غير مجهزة بوسائل لحماية البيئة المحيطة. و لكن هذه الطرق أسأت إلى الإنسان و البيئة و لوثت الهواء و الماء و التربة. و مع تزايد كميات و نوعيات النفايات البلدية الصلبة و تطور التكنولوجيا تطور مفهوم التخلص من النفايات و تطورت عمليات التخلص لتشمل إعادة التدوير و تقليل التلوث. و بالتالي لم يعد التخلص من النفايات هدفاً في ذاته.

هناك خيارات ثلاثة رئيسية للتخلص من النفايات البلدية الصلبة:

1. التخلص النهائي من النفايات الصلبة كما هي في مدافن صحية.
2. التخلص النهائي من النفايات في مدافن صحية بعد معالجتها لتقليل حجم النفايات المراد دفنها.
3. معالجة النفايات لاسترجاع الموارد (مواد و طاقة) و من ثم التخلص النهائي من المخلفات المتبقية في مدافن صحية.
و يعد الخيار الأول اقل الخيارات تكلفة ولكن صعوبة إيجاد أراضي جديدة للمدافن الصحية ترفع من التكلفة خاصة في المناطق المكتظة بالسكان. أما بالنسبة إلى الخيار الثاني فان تخفيض حجم النفايات بواسطة التقطيع و الكبس يعمل على تقليل تكاليف النقل و التخلص النهائي ولكن التكاليف المرتبطة بتخفيض الحجم قد تفوق ذلك التوفير علاوة على أن هذا الخيار لا يوفر فرصة للاستفادة من النفايات. يتضمن الخيار الثالث عمليات استرجاع بعض المكونات الممكن إعادة استعمالها أو إعادة تصنيعها (إعادة التدوير) أو إنتاج الطاقة و بعض المنتجات المفيدة الأخرى، تاركة كميات قليلة من المخلفات للتخلص النهائي. تستلزم هذه العمليات تكاليف عالية و لكن في حالة وجود سوق للمواد المسترجعة فيمكن بيع المواد المعاد تدويرها و الطاقة لتخفيض التكاليف الكلية لهذه العمليات. كما أن هذا الخيار يخفف الضغط على المدافن الصحية و يطيل من فترة استخدامها و بالتالي يساهم في المحافظة على البيئة و مواردها. و يمكن تعزيز هذه الخيارات باعتماد أسلوب تخفيض كمية و سمية النفايات من المصدر.
و سنستعرض فيما يلي ثلاث عمليات رئيسة للتخلص من النفايات البلدية الصلبة و أنواعها و متطلباتها التشغيلية و القضايا المتعلقة باستعمالها.


أولاً: التحويل الحراري:

التحويل الحراري عملية يتم فيها إحراق النفايات الصلبة لتحويلها إلى منتجات غازية و سائلة و صلبة مع إنتاج طاقة حرارية. و يخفض الحرق حجم النفايات الصلبة القابلة للاشتعال بمقدار 85% – 95%، و وزن النفايات بمقدار 75%. و تُـصنف محارق النفايات الصلبة إلى نوعين حسب طبيعة النفايات: محارق تعمل على حرق النفايات الصلبة بعد فصل جزئي لبعض المكونات الكبيرة و غير قابلة للاشتعال، و محارق تعمل على حرق المكونات العضوية للنفايات بعد تقطيعها إلى قطع صغيرة أو تشكيلها على هيئة كريات أو مكعبات. و تُصنف عمليات التحويل الحراري حسب كمية الأكسجين المستخدمة في الحرق إلى:
(1) حرق بوجود كمية أكسجين كافية لأكسدة المواد بشكل كامل و هو ما أسمي بالحرق (combustion).
(2) حرق بدون وجود أكسجين و هو ما يطلق عليه الانحلال الحراري (pyrolysis) أو التقطير الاتلافي.
(3) حرق بوجود أكسجين أقل من اللازم نظرياً و هو ما أسمي بالتغويز (gasification).
الـحـرق:
يتطلب الاحتراق الكامل لمكونات النفايات الصلبة خلط النفايات بشكل جيد و درجة حرارة كافية لإتمام أكسدة المكونات و ذلك يتطلب بدوره ضخ كمية هواء أكبر من تلك اللازمة نظرياً للاحتراق الكامل. كما أن درجة حرارة الاحتراق مهمة من ناحية التحكم في انبعاث الروائح و بعض الغازات الملوثة. فانبعاث الروائح يقل عندما تكون درجة الحرارة أكبر من 780 مo، و يمكن تقليل انبعاث الغازات الشديدة الخطورة على الصحة، مثل الديكسونات و الفورانات و المواد العضوية المتطايرة، عندما تزيد درجة الحرارة عن 980 مo. كما يمكن تحويل الحديد و الزجاج إلى رماد و تخفيض الحجم بمقدار 97% برفع درجة حرارة الإحتراق إلى 1650 مo، و لكن ذلك يتطلب استخدام وقود اضافي مما يزيد من التكاليف.
منتجات الحرق: 
– طاقة حرارية في غازات الاحتراق يمكن استردادها عن طريق ملامسة الغازات لشبكة أنابيب تحتوي على الماء مما يعمل على تسخين الماء الذي يمكن استعماله للتدفئة، أو عن طريق تسخين ماء في غلايات بواسطة غاز الاحتراق الساخن لانتاج بخار ماء يمكن استخدامه للتدفئة أو إنتاج الطاقة الكهربائية أو الاثنين معا. و يتطلب انتاج البخار عادة استخدام وقود اضافي و ذلك لاختلاف المحتوى الحراري لمكونات النفايات أو في حالة عدم توفر كميات كافية من النفايات للحرق.
– الرماد المتطاير و الرماد المترسب و بقايا النفايات غير المحترقة بشكل جيد و الغازات المختلفة. يتخلص من الرماد و بقايا الاحتراق بالدفن أما غازات الاحتراق فيجب معالجتها لإزالة الأكاسيد المختلفة و الرماد المتطاير و غير ذلك من الملوثات الناتجة من عملية الحرق.

الانحلال الحراري (التقطير الإتلافي):
الانحلال الحراري هي عملية حرق جزئي للمحتوى العضوي للنفايات الصلبة بمعزل عن الهواء باستخدام مصدر حراري خارجي فتنفصل هذه المكونات العضوية بواسطة مجموعة من عمليات التكسير الحرارية و التفاعلات التكثفية إلى غازات و سوائل و مواد صلبة. تستخدم عملية الانحلال الحراري في الصناعة لانتاج الفحم من الخشب، فحم الكوك و غاز فحم الكوك من الفحم الحجري، و الزفت من البترول الثـقيل. إلا أن هذه التقنية لم تلاقي نجاحا كبيراً في معالجة النفايات الصلبة بسبب التكاليف العالية المتعلقة باستخدام مصدر حراري خارجي لإتمام عملية التكسير الحراري، و مشاكل تشغيل أنظمة الحرق الإتلافي علاوة على طبيعة العملية المعقدة.
منتجات الانحلال الحراري:
– غازات تصل قيمتها الحرارية إلى حوالي 700 وحدة حرارية بريطانية/قدم3، و تتكون أساساً من الهيدروجين، الميثان، أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى غازات أخرى حسب الخصائص العضوية للمواد المنحلة حرارياً. وتختلف نسب هذه الغازات حسب درجة الحرارة التي يتم عندها الانحـلال الحراري. فعند درجة حرارة 480 مo تبلغ نسب هذه الغازات بالحجم 6%، 12%، 33%، 45%، 4% على التوالي، بينما تصل نسب هذه الغازات عند درجة حرارة 920 مo إلى 32%، 10%، 35%، 18%، 4% على التوالي.
– سوائل تشمل القطران أو زيوت تحتوي على حمض الأسيتيك و الأسيتون و الميثانول و هيدروكربونات. و يمكن معالجة هذه السوائل لإنتاج زيوت تستخدم كوقود.
– فحم يتكون أساساً من الكربون بالإضافة إلى شوائب خاملة.
تختلف نسب هذه المنتجات باختلاف درجة الحرارة التي يتم عندها الانحلال. فعند درجة حرارة 480 oم تشكل الغازات و السوائل و الفحم حوالي 12 %، 62%، و 24% بالوزن من الكمية الكلية للمنتجات على التوالي، بينما تصبح نسب هذه المنتجات عند درجة حرارة 920 oم حوالي 24%، 59%، و 17%.
التغويز:
التغويز هي عملية حرق جزئي للمحتوي العضوي للنفايات بعد تقطيعها و تشكيلها على هيئة مكعبات أو كرات بوجود كمية من الهواء أقل من تلك اللازمة للاحتراق الكامل و ذلك لانتاج غاز قابل للاحتراق غني بأول أكسيد الكربون و الهيدروجين و بعض الهيدروكربونات المشبعة كالميثان.
منتجات التغويز:
– غازات ذات قيمة حرارية منخفضة (حوالي 150 وحدة حرارية بريطانية/قدم3) تحتوي على 10% (بالحجم) ثاني أكسيد الكربون، و 20% أول أكسيد الكربون ، 15% هيدروجين، 2% ميثان، و 53% نتروجين و ذلك عند درجة حرارة 650-820 مo. و في حالة استخدام الأكسجين النقي للحرق بدلا من الهواء ترتفع القيمة الحرارية للغازات الناتجة إلى حوالي 270-320 وحدة حرارية بريطانية/قدم3 عند رفع درجة حرارة الإحتراق إلى 1400-1600 مo، و يصبح التركيب الكيميائي كالتالي: 14% ثاني أكسيد الكربون، 50% أول أكسيد الكربون، 30% هيدروجين، 4% ميثان، 1% هيدروكربونات، و 1% نيتروجين. و من الممكن الاستفادة من غازات الاحتراق كوقود لادارة المحركات و التوربينات أو يمكن حرقها بوجود الهواء لإنتاج طاقة حرارية يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة و البخار.
– كميات بسيطة من الرماد و الفحم المحتوي على الكربون و مواد خاملة. يتميز الفحم الناتج بمساميته العالية مما يعطيه خاصية الإدمصاص.
– سوائل بكميات بسيطة تشبه الزيوت الناتجة من عملية التقطير الإتلافي.
قضايا التحويل الحراري:
هناك العديد من القضايا المتعلقة بامكانية تطبيق تقنيات التحويل الحراري التي يجب اعتبارها عند دراسة هذه التقنيات كوسائل للتخلص من النفايات والاستفادة منها. من أهم هذه القضايا ما يلي:
(1) تلوث الهواء: تتولد من عمليات الإحتراق العديد من الغازات و العوالق الدقيقة الملوثة للهواء، مثل ثاني أكسيد النتروجين و ثاني أكسيد الكبريت و أول أكسيد الكربون و جسيمات عضوية و كربونية دقيقة و معادن (مثل الكادميوم و الزنك و الزئبق) و غازات حمضية (مثل كلوريد الهيدروجين و هيدروجين الفلورايد) و الديكسونات و الفورانات. يتطلب التحكم بهذه الإنبعاثات استخدام أجهزة تنقية و ازالة ذات تكلفة قد تكون مساوية لتكلفة المحارق نفسها.
(2) المخلفات الصلبة: و تشمل الرماد المترسب و المتطاير و المواد الصلبة الناتجة من أجهزة ازالة الغازات و العوالق و التي تحتوي على املاح معدنية و مواد عضوية و معادن ثقيلة. تتطلب هذه المخلفات معالجة لنتمكن من التخلص منها بدون احداث ضرر بيئي.
(3) المخلفات السائلة: و تشمل المياه العادمة الناتجة من مرافق ازالة الرماد المتطاير و تلك الناتجة من أنظمة المعالجة المستخدمة لتنقية مياه الغلايات و أنظمة التبريد.
(4) لموقع: تقنيات التحويل الحراري ملائمة للمناطق المكتظة بالسكان و التي لا تتوفر فيها مساحات كافية للدفن الصحي و عندما يكون مستوى المياه الجوفية قريب من سطح الأرض. فالدنمكارك و سويسرا تحرقا حوالي 70% و 75% من نفاياتهما البلدية الصلبة على التوالي. و لتجنب التأثيرات السلبية المتوقعة من تشغيل المحارق فانه يفضل انشاء المحارق في أماكن بعيدة عن التجمعات السكانية مع توفير مناطق عزل حولها.
(5) التكاليف: تعد التكلفة من أهم قضايا عمليات التحويل الحراري. و تختلف التكلفة باختلاف نوعية العملية المستخدمة. و تُـقدر التكلفة الراسمالية للمحارق المستخدمة لاسترجاع الطاقة الحرارية على هيئة بخار لتوليد الكهرباء بحوالي 125 مليون دولار لكل 1000 طن من الطاقة اليومية في المتوسط، بينما تصل تكلفة التشغيل إلى حوالي 30 دولار لكل طن من النفايات. و بشكل عام فان تكلفة عمليات التحويل الحراري أكبر من تكلفة الدفن الصحي بحوالي 3-4 أضعاف، و أعلى من تكلفة عمليات التحويل الحيوي بحوالي 2-3 أضعاف.

ثانياً: التحويل الحيوي
التحويل الحيوي هي عملية حيوية/بيولوجية يتم بواسطتها تفكيك المحتوى العضوي للنفايات البلدية الصلبة بواسطة كائنات دقيقة إلى مواد عضوية ثابتة تشمل مواد محسنة للتربة و غاز حيوي يمكن استخدامه كمصدر للطاقة أو تحويله إلى الميثانول (وقود سائل). و تصنف عمليات التحويل الحيوي إلى نوعين حسب توفر الهواء: هضم هوائي (التسميد) و هضم لاهوائي. تتطلب هذه العمليات تجهيز النفايات المراد معالجتها حيويا، و تشمل عمليات التجهيز ما يلي:
– فصل المكونات العضوية للنفايات البلدية الصلبة عن باقي المكونات غير قابلة للتحلل، مثل الزجاج و المعادن، و تلك التي تتحلل ببطء مثل و البلاستيك و المطاط و الجلود.
– تقطيع المكونات العضوية إلى قطع صغيرة.
– إضافة ماء و العناصر الغذائية الضرورية لنمو الكائنات الدقيقة التي ستقوم على تفكيك المواد العضوية.

عملية الهضم الهوائي:
تعد هذه العملية أكثر عمليات التحويل الحيوي استعمالا حيث يتم تحويل النفايات الصلبة العضوية إلى مواد عضوية أكثر ثباتاً تُـسمى الكمبوست أو المواد المحسنة للتربة. و تحت ظروف تشغيلية مثالية فانه يمكن تخفض حجم النفايات بمقدار 50%. و يوجد بالمملكة العربية السعودية عدد من المصانع لانتاج المواد المحسنة للتربة من النفايات العضوية البلدية في ينبع الصناعية و حائل و تبوك و المنطقة الشرقية و الرياض. و هناك عدد من مرافق الهضم الهوائي في الامارات العربية المتحدة. و يصل عدد مصانع التسميد في ألمانيا حالياً إلى حوالي 270.
تعتمد عملية الهضم الهوائي على عوامل عدة، من أهمها:
– نسبة الرطوبة: يجب أن تكون نسبة الرطوبة أثناء عملية التحلل الحيوي ما بين 50% إلى 60%. و يمكن إضافة ماء أو الحمأة الناتجة من معالجة مياه الصرف الصحي الغنية بالماء و المواد العضوية للوصول إلى النسبة المثلى لعملية التحلل الحيوي.
– كمية الهواء: إن توفر الهواء بكمية كافية و بشكل منتظم و متساوي بين أجزاء المواد المراد تحللها ضروري لإتمام عملية التحلل الحيوي هوائيا.
– حجم المواد المراد هضمها: يزداد معدل التحلل الحيوي كلما قل حجم المواد العضوية. و يتراوح المقاس الأمثل للمـواد في عملية التحلل الهوائي للنفايات الصلبة ما بين 3 إلى 10 سم.
– درجة حرارة المواد أثناء التحلل: يجب أن تكون درجة الحرارة خلال الأيام الأولى للتحلل ما بين 50 إلى 55 oم و ما بين 55 إلى 60 oم بعد ذلك. و تقل درجة التحلل الحيوي إذا زادت درجة الحرارة عن 66 oم. و يمكن التحكم في درجة الحرارة عن طريق التحكم في كمية الهواء و عدد مرات التقليب. و قد دلت الدراسات أن معظم الكائنات الممرضة تموت عند تعرضها لدرجة حرارة 55 oم لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، و يمكن القضاء على جمــيع الممرضات عندما تصل درجة حرارة المواد المتحللة إلى 70 oم لمدة ساعة إلى ساعتين.
– التقليب و الخلط: يعمل التقليب على توفير الهواء و توزيعه بشكل جيد بين المواد لإتمام عملية التحلل الحيوي هوائياً الأمر الذي يساعد على الحد من انبعاث الروائح الكريهة التي تتولد من التفاعلات الحيوية اللاهوائية. كما يساعد التقليب على التوزيع المتساوي للعناصر الغذائية و الكائنات الدقيقة المسئولة عن عملية التحلل.
– نسبة الكربون إلى النتروجين للمواد المراد هضمها: تتراوح النسبة المثالية ما بين 20 إلى 25 (بالوزن). و من الممكن الوصول إلى النسبة المناسبة عن طريق خلط مواد تحتوي على نسبة عالية من الكربون (مثل ورق الصحف و المجلات) مع مواد تحتوي على نسبة عالية من النتروجين (مثل نفايات الحدائق من نباتات و عشب و حمأة مياه الصرف الصحي).
و هناك ثلاث طرق لهضم النفايات هوائياً:
1. طريقة الأكوام: تتمثل هذه الطريقة في وضع النفايات العضوية، بعد تقطيعها إلى قطع صغيرة(3-10 سم) و تعديل محتواها المائي إلى حوالي 50%-60%، على شكل أكوام بارتفاع مترين و بعرض 4-5 أمتار، و تترك لفترة شهر تقريبا لتتحلل حيوياً مع تقليبها مرة أو مرتين أسبوعياً. و من ثم تترك الأكوام المتحللة بدون تقليب لمدة شهر أو أكثر لتثبيت المواد العضوية المتبقية. يجفف بعد ذلك السماد الناتج و يقطع إلى قطع أصغر و قد يضاف إليه مواد لتحسين قيمته التسميدية قبل تسويقه كمواد محسنة للتربة. تقدر الفترة الزمنية اللازمة للحصول على المنتج النهائي ما بين 4-6 أشهر. و تزيد هذه الفترة لتصل إلى حوالي سنتين أو أكثر في حالة استخدام أكوام كبيرة الحجم بارتفاع 3-4 متر و بعرض 6-8 متر.
2. الأكوام المهواه: توضع النفايات العضوية على شبكة أنابيب مثـقبة يُوفر بواسطتها الهواء اللازم للتحلل الحيوي الهوائي الذي يستمر لمدة شهر تقريباً و من ثم تترك الأكوام بدون تزويدها بالهواء لمدة شهر آخر لتثبيت السماد الناتج قبل طحنه أو تقطيعه و تسويقه. و تتراوح المدة اللازمة للحصول على المنتج النهائي ما بين 3 إلى 4 شهور.
3. الهاضمات الهوائية: تهضم النفايات في حاويات أو هاضمات على شكل أبراج أو أحواض دائرية أو مستطيلة الشكل مزودة بنظام لتوفير الهواء و ذلك لفترة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين. توضع المواد المتحللة بعد ذلك على شكل أكوام لتثبيتها لفترة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين. و بذلك تتراوح الفترة اللازمة للحصول على المنتج النهائي ما بين شهرين إلى ثلاثة. و تُزود بعض أنواع الهاضمات الهوائية بآلية لتحريك محتوياتها أثناء عملية التحلل الحيوي. تتميز هذه الطريقة بقلة الروائح المنبعثة و قصر الفترة اللازمة للتحلل كنتيجة لإمكانية التحكم في كمية الهواء و الأكسجين و درجة الحرارة.

عملية الهضم اللاهوائي:
تنامي في السنوات الأخيرة استعمال عملية التحلل اللاهوائي للمحتوى العضوي للنفايات الصلبة و ذلك لإمكانية استرجاع الطاقة على شكل غاز الميثان و لكون المواد المتحللة/المهضومة شبيهه بالمواد المحسنة للتربة المنتجة من عملية التحلل الهوائي. و على الرغم من أن هذه العملية مستخدمة في معالجة الحمأة الناتجة من عمليات معالجة مياه الصرف الصحي إلا أن تطبيقاتها في معالجة النفايات الصلبة لم تستخدم بشكل تجاري واسع نظرا لطبيعة العملية المعقدة. و يوجد عدد من مرافق الهضم اللاهوائي في فرنسا و بلجيكا و فلندا و الدنمارك و النمسا و بريطانيا و امريكا و هولندا بعضها في مراحل التطوير و التجربة.
من الطرق المستخدمة لهضم النفايات العضوية لاهوائياً ما يلي:
1. هضم لاهوائي لمحتوى منخفض من المواد الصلبة: تتم عملية الهضم في هاضمات أسطوانية أو بيضاوية الشكل محكمة الإغلاق حيث يضاف الماء بكمية كافية لتخفيض نسبة المواد الصلبة إلى حوالي 4% – 8% و يعدل الرقم الهيدروجيني إلى حوالي 6.8 ليتم التحلل اللاهوائي عند درجة حرارة 55-60 مo لفترة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. و تتطلب العملية خلط جيد لمنع تكون رغوة و طفو المواد على السطح. تتراوح كمية الغاز الناتج من كل كيلوجرام من النفايات ما بين 0.5 إلى 0.75 م3، و يتألف من الميثان بنسبة تصل إلى 55% و ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45%. أما الحمأة الناتجة من عملية التحلل فيجب نزع الماء منها قبل التخلص أو الاستفادة منها، و من ثم معالجة المياه الناتجة من عملية النزع. و تعد عملية نزع الماء و معالجة المياه المنزوعة مكلفة جداً الأمر الذي يحد من استخدام هذه الطريقة بشكل تجاري لاسترجاع الطاقة من المحتوي العضوي للنفايات البلدية الصلبة و لكنها مستخدمة بشكل تجاري واسع لإنتاج الطاقة من النفايات الزراعية.
2. هضم لاهوائي لمحتوي عالي من المواد الصلبة: و هذه الطريقة شبيهه بالطريقة السابقة إلا أنها لا تتطلب إضافة كمية كبيرة من المياه و ذلك لجعل تركيز المواد الصلبة أثناء عملية التحلل ما بين 22% إلى 35%. تتميز هذه الطريقة بإنتاج كمية أكبر من الغاز تصل إلى 1.0 م3 لكل كجم من المواد الصلبة و لكنها تحتاج لفترة أطول (3 إلى 4 أسابيع) لإتمام عملية التحلل. و لكن و نتيجة لقلة نسبة الماء فان تأثير تغير ظروف التشغيل على فاعلية العملية يكون أكثر حــدة مقارنة بالطريقة السابقة. و لم تستخدم هذه العملية حتى الآن بشكل تجاري واسع لاسترجاع الطاقة من النفايات العضوية.
3. هضم لاهوائي-هوائي: يتم التحلل على مرحلتين. في المرحلة الأولي تهضم المواد الصلبة بتركيز 20%-30% لاهوائياً لمدة 4 أسابيع لإنتاج غاز الميثان، و في المرحلة الثانية تهضم المواد المتبقية من المرحلة الأولى هوائياً لإنتاج حمأة يصل محتواها من المواد الصلبة إلى أكثر من 65% يمكن استخدامها كمواد محسنة للتربة أو كوقود بعد تجفيفها للاستفادة من محتواها الحراري العالي. تتميز هذه العملية بقدرتها على التثبيت الكامل للمواد العضوية و فاعليتها على قتل الجراثيم الممرضة بالإضافة إلى استرجاع الطاقة بدون الحاجة إلى نزع الماء من الحمأة الناتجة من التحلل.

قضايا التحويل الحيوي:
(1) انبعاث الروائح الكريهه: تعد قضية انبعاث الروائح من أهم اسباب إغلاق مرافق عمليات التحويل الحيوي و خاصة عمليات الهضم الهوائي. و يرجع ذلك إلى تخزين النفايات العضوية المراد معالجتها لفترة زمنية طويلة قبل البدء بالعملية، و عدم اعطاء الوقت الكافي لتحلل و تثبيت النفايات بشكل جيد، و عدم تقليب النفايات بشكل جيد أثناء الهضم. لذلك فانه من الأهمية اعتبار ما يلي:
– اختيار الموقع: يراعى في اختيار موقع المنشأة الأحوال الجوية و البعد عن المناطق المطورة و امكانية توفير مناطق عزل حول المنشأة. و يلاحظ أن المساحات اللازمة لعملية الهضم الهوائي بطريقة الأكوام و طريقة الأكوام المهواة أكبر من تلك اللازمة للطرق الأخرى.
– تصميم و تشغيل العملية: يعد التصميم و التشغيل السليم لعمليات الهضم من أهم العوامل التي تقلل من انبعاث الروائح. فالتقليب الجيد و المنتظم و التحكم في درجة حرارة التحلل و درجة الرطوبة و التحكم في نسبة محتوى الكربون إلى محتوى النتروجين للنفايات العضوية و توفير العناصر الغذائية اللازمة للتحلل الحيوي و تقطيع النفايات العضوية إلى قطع صغيرة، عوامل مهمة تحدد مدى اكتمال عملية التحلل بدون انبعاث روائح.
– محطات التحويل الحيوي المغلقة: يمكن اجراء علميات الهضم الحيوي في أماكن مغلقة مزودة بأجهزة لتنقية الروائح الناتجة.
(2) الجراثيم الممرضة: يعد خلو منتجات التحويل الحيوي من الجراثيم الممرضة عاملاً مهما في نجاح تسويق المنتجات و خاصة تلك التي يتعرض لها العامة بشكل مباشر مثل الكمبوست. لذا فانه يجب التحكم في درجة حرارة خليط النفايات أثناء عملية التحلل بشكل يضمن تدمير الجراثيم الناقلة للامراض.
(3) المعادن الثـقيلة و المواد الخطرة: لتجنب تلوث منتجات التحويل الحيوي بهذه المواد فانه يجب فصل المكونات العضوية عن المكونات الخطرة كالبطاريات و الأوراق و الأخشاب الملونة بالدهانات و المعادن و خردة أجهزة الحاسب الألي و مقاييس درجة الحرارة الزئبقية و غيرها من المواد الخطرة.
(4) جودة المنتج النهائي: تحدد جودة المنتج النهائي مثل الكمبوست بنسب العناصر الغذائية (الفوسفور، النتروجين، البوتاسيوم،..) و المواد العضوية و المعادن الثقيلة و الأملاح و الشوائب، درجة التحلل، الرائحة، الرقم الهيدروجيني، درجة خشونة الحبيبات، و وجود الجراثيم الممرضة. و هناك بعض المقاييس العامة تحدد المستويات المسموح بها لمكونات الكمبوست المُنتج من النفايات الزراعية و النفايات البلدية، و لكن ليس هناك اتفاق عالمي على مواصفات معينة.
(5) التكاليف: تختلف التكاليف حسب نوعية التحلل الحيوي المستخدم. و تقدر التكلفة الرأسمالية للهضم الهوائي بطريقة الأكوام بحوالي 400-450 دولار لكل طن من السماد المنتج سنوياً باستثناء قيمة الأرض. حوالي 60%-70% من هذه القيمة تمثل تكلفة المرافق الخاصة بعملية التسميد. أما بالنسبة للهضم اللاهوائي فتزيد تكلفته الرأسمالية عن ذلك بنسبة 20%-25%.

ثالثاً: الـدفـن الصـحـي:
يعد الدفن الصحي وسيلة للتخلص النهائي من النفايات إذ أن عمليات التحويل الحراري و الحيوي لا تعد وسائل للتخلص النهائي بل أدوات لتقليل حجم النفايات المطلوب التخلص منها بصورة نهائية و استرجاع بعض المواد و المنتجات بدلا من هدرها في المدافن. إضافة إلى ذلك فان المخلفات الناتجة من هذه العمليات يجب دفنها صحياً. لذلك فان الدفن الصحي ليس بديلا للحرق أو التسميد و يعد من أفضل طرق التخلص من الناحية الاقتصادية و لكنه يتطلب مساحات من الأراضي.
يمكن تعريف المدفن الصحي بأنه مرفق مصمم هندسياً تُنقل إليه النفايات يومياً و تلقى على أرض مهيأة لذلك و تدك بدكاكات ثقيلة على شكل طبقات بسمك 0.5 م و بكثافة تصل إلى حوالي 450 كجم/م3، و عندما يصل ارتفاع الطبقات المضغوطة إلى 2-3 م تغطي بطبقة ترابية بسمك 15-30 سم. و يُسمى الجزء المدفون خلال اليوم بالخلية. و من الممكن كبس النفايات على شكل بالات أو مكعبات يصل وزن المتر المكعب منها إلى حوالي 950 كجم مما يساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للمدفن و عدم الحاجة إلى الدكاكات في الموقع و يقلل من مشاكل الروائح و تطاير المكونات الخفيفة و توالد الحشرات و القوارض و لكن ذلك يتطلب توفير مرافق لضغط النفايات.
طرق الدفن:
تختلف طرق الدفن باختلاف طبيعة الأرض و خصائص التربة و بعد منسوب المياه الجوفية عن سطح الأرض. و يمكن استعمال أكثر من طريقة في نفس الموقع حسب طبوغرافية الأرض. و فيما يلي أهم هذه الطرق:
– الدفن في حفر أو خنادق: تستعمل هذه الطريقة عندما يكون مستوى المياه الجوفية بعيد عن سطح الأرض. توضع النفايات في خنادق يتراوح طولها من 60-300 م و عرضها من 5-15 م و عمقها من 1-3 م، و تفرش و تدك على شكل طبقات ثم تغطى بطبقة من تراب الحفر.
– الدفن على سطح الأرض: تستعمل هذه الطريقة عندما لا تسمح طبيعة الأرض بالحفر و عندما يكون منسوب المياه الجوفية قريب من سطح الأرض. و تتطلب هذه الطريقة جلب تربة تغطية النفايات من منطقة أخرى.
– الدفن في المنخفضات: يمكن استغلال المنخفضات الطبيعية كالشعاب الجافة و الشقوق الأرضية و المنحدرات و كذلك محاجر التربة و الرمل لدفن النفايات. تتطلب هذه الطريقة تحكم جيد في تصريف المياه السطحية لمنع تحركها إلى المنخفضات و تجمعها فيها.
ماذا يحدث للنفايات الصلبة بعد دفنها؟
تتعرض النفايات الصلبة بعد دفنها للعديد من التغيرات الكيميائية و الفيزيائية و الحيوية. و تعد التفاعلات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الدقيقة من بكتريا و غيرها من أهم تلك التفاعلات إذ ينتج عنها غازات عديدة و سوائل. خلال السنة الأولى من الدفن تتحلل المكونات العضوية هوائيا منتجة غازات من أهمها غاز ثاني أكسيد الكربون. و عندما ينفذ الأكسجين يبدأ التحلل اللاهوائي منتجاً الكثير من الغازات. و يعد غاز ثاني أكسيد الكربون و غاز الميثان من أهم غازات التحلل اللاهوائي حيث أن كل منهما يمثل نسبة تصل إلى 40%-60% من مجموع الغازات الناتجة. و الميثان غاز أخف من الهواء و قابل للانفجار عندما يصل تركيزه في الهواء 5%-15%. و نظراً لان كمية الأكسجين داخل المدفن تكون بسيطة جداً عندما يصل تركيز الميثان هذا المستوى الحرج فليس هناك خطر من انفجار المدفن. و لكن الخطر يكمن عندما يتحرك الميثان و يصل إلى المناطق المجاورة ليختلط بالهواء مشكلا خليط غازي قابل للانفجار.
و أثناء تحلل النفايات تتكون سوائل حمضية نتيجة للتفاعلات الحيوية تختلط مع المياه الجوفية و السطحية المتسربة إلى داخل المدفن مكونة سائل شديد السمية يسمى عصارة النفايات. تحمل هذه العصارة الكثير من الملوثات العضوية و الكيميائية و المعادن الثقيلة و الأملاح الذائبة. تشكل عصارة النفايات مصدر تلوث خطير للمياه الجوفية إذا وجدت طريقها إليها.
قضايا الدفن الصحي:
(1) المساحة اللازمة: يجب أن تكون مساحة الأرض المتاحة كافية لاستيعاب النفايات البلدية الصلبة المنتجة لمدة لا تقل عن 5 سنوات و يفضل أن تكون الطاقة الاستيعابية ما بين 10 إلى 25 سنة. و يتطلب الدفن مساحات كبيرة. فالمساحة اللازمة سنوياً لدفن النفايات التي ينتجها 25.000 شخص بمعدل 2 كجم/يوم في مكب بعمق متوسط 4 متر تبلغ 10.000 متر مربع (100م X 100م) على افتراض أن كثافة النفايات عند دكها في المكب تصل إلى 450 كجم/م3.
(2) التأثيرات البيئية: تعد غازات المدفن – خاصة الميثان – و عصارة النفايات و الروائح الكريهة المنبعثة من تحلل النفايات أثناء عمليات الدفن و تكاثر الحشرات و القوارض من أهم التأثيرات البيئية لدفن النفايات البلدية الصلبة. و من الممكن التحكم في الروائح وانتشار الحشرات و القوارض بدك النفايات جيداً و تغطيتها بطبقة ترابية في نهاية أعمال الدفن اليومي. و يتطلب التحكم بالعصارة وضع نظام لجمع النواتج السائلة لإزالتها و معالجتها مع تبطين أرضية المدفن بطبقة أو طبقات عازلة تحد من تحرك العصارة إلى مكامن المياه الجوفية. أما بالنسبة للميثان فيجب وضع نظام تجميع حيث يمكن حرق الغاز أو الاستفادة منه كمصدر للطاقة، مع إنشاء خنادق اعتراض من الحصى لمنع تحرك الغاز أفقياً. كما يجب مراقبة هذه الملوثات باستخدام مجسات للميثان و آبار لمراقبة جودة المياه الجوفية.
(3) اختيار موقع المدفن: تتطلب عملية تعيين موقع لدفن النفايات الصلبة اعتبار عوامل عدة تشمل:
– المسافة إلى الموقع و إمكانية الوصول إليه: تؤثر مسافة نقل النفايات من مصادر إنتاجها إلى المدفن في التكاليف الكلية لعملية التخلص، و يفضل عادة إنشاء محطات تحويل عندما تزيد مسافة النقل على 20 كيلومتر و ذلك لتفريغ حمولة السيارات الصغيرة في سيارات أكبر. كما أن سهولة أو صعوبة الوصول إلى الموقع تؤثر على تكاليف التشغيل و نوعية وسيلة النقل.
– الخصائص الجيولوجية و الهيدروجيولوجية للأرض: و تعد من أهم العوامل التي تحدد ملائمة الموقع من الناحية البيئة و الهندسية. فهذه الخصائص تحدد طريقة الدفن و طريقة تصميم المدفن هندسياً للحد من تلوث التربة و المياه الجوفية و المناطق المجاورة بنواتج عمليات التحلل الحيوي التي تحدث للنفايات في المدفن (عصارة النفايات و غازات المدفن).
– مجاري المياه السطحية: إن معرفة انسياب المياه الجارية على السطح أثناء سقوط الأمطار و المجاري الطبيعية للمياه تحدد طريقة تصميم المدفن و الاحتياطات الواجب اتخاذها أثناء الدفن لتصريف المياه بعيداً عن موقع الدفن.
– طبوغرافية الأرض و خصائص التربة السطحية: تحدد طبوغرافية الأرض و خصائص التربة طريقة أو طرق الدفن الممكنة و متطلبات عملية الدفن من معدات و تربة الغطاء اليومي و تكلفة إعداد الموقع.
– البعد عن المناطق المطورة: يحدد مدى بعد المدفن عن المناطق المطورة متطلبات تشغيل المدفن للحد من التأثيرات السلبية لعمليات الدفن كالضوضاء و تطاير الغبار و النفايات و انتشار الحشرات و القوارض و الطيور.
– الأحوال الجوية: إن معرفة سرعة و اتجاه الرياح و درجة حرارة الجو و معدل سقوط الأمطار تحدد الإجراءات اللازمة لتشغيل المدفن لتفادي انتقال الروائح و المبعثرات إلى مسافات بعيدة، و لتصريف المياه السطحية.
– المحددات البيئية: يجب تجنب الأودية و مناطق الحياة الفطرية و المناطق شديدة الانحدار و مناطق التكهف و حقول المياه الجوفية الصالحة للشرب.
(4) استعمال المدفن بعد إغلاقه: يمكن الاستفادة من مكان المدفن الصحي بعد إغلاقه كمنتزه عام أو ملعب. إن تحديد نوعية استعمال أرضية المدفن بعد إغلاقه يؤثر في التصميم الهندسي للمدفن و طريقة تشغيله. كما يتطلب ذلك مراقبة الانبعاثات الغازية بشكل مستمر و إنشاء نظام تحكم في هذه الإنبعاثات و التحكم في انسياب مياه الأمطار بعيداً عن المدفن و مراقبة و التحكم في هبوط الأرض.
(5) استغلال غاز الميثان كمصدر للطاقة: من الممكن تجميع غازات المدفن و معالجتها لاسترداد غاز الميثان حيث أنه يشكل نسبة تتراوح بين 40%-60% من الغازات الناتجة، و استغلاله كمصدر للطاقة حيث أن قيمته الحرارية تقدر بحوالي 990 وحدة حرارية بريطانية/قدم3. و تنخفض هذه القيمة نتيجة اختلاط الغاز بالهواء أثناء استخراجه إلى النصف تقريباً. و تتراوح كمية الميثان النظرية الناتجة من تحلل واحد كيلوجرام من النفايات البلدية الصلبة بين 200-270 لتر حسب مكونات النفايات و ذلك خلال 25-30 سنة من التحلل الحيوي، و لكن يمكن الحصول على ثلث هذه الكمية بعد خمس سنوات من الدفن. و عملياً لا يمكن استرجاع أو استخراج إلا 15% إلى 35% من الكمية المنتجة.
(6) التكاليف: يعد الدفن الصحي من أرخص عمليات التخلص من النفايات البلدية باستثناء قيمة الأرض.

إعداد الدكتور/ وليد محمد زاهـد
قسم الهندسة المدنية – كلية الهندسة – جامعة الملك سعود