» أبحاث ودراسات عليا

دليلك الى الإحصاءات البيئية

خميس رداد

الماء هو أساس الحياة لجميع الكائنات الحية، قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي). إن التوازن بين الكميات المتاحة من المياه والاستخدامات المختلفة يعتبر من الأمور الهامة، وتعتبر المياه العذبة من الموارد الطبيعية النادرة في الكون بشكل عام، حيث تشكل المياه العذبة 2.4 % من إجمالي المياه الموجودة على الكرة الأرضية، ويعتبر موضوع إدارة المياه وتوفيرها لسد الاحتياجات المختلفة من اكبر التحديات للحكومات العربية في الوقت الحاضر، خاصة وأن المنطقة تواجه زيادة مستمرة في الطلب على المياه وفي نفس الوقت تتراجع فيه كمية ونوعية المياه المتاحة بسبب استنزاف المياه الجوفية وتعرضها للتلوث، بالإضافة إلى استمرار تراجع المياه السطحية وتعرضها إلى مختلف الملوثات.
ولا شك في أن زيادة عدد السكان، وزيادة نسبة الحضر إلى الريف، وزيادة الطلب على الإنتاج الزراعي الذي يتبعه توسع في الزراعات المروية يؤدي إلى زيادة الطلب على المياه. وقد أصبحت عملية المواءمة بين كميات المياه المتاحة للاستهلاك والطلب المتزايد عليها، وكذلك عملية تخصيص حصص من المياه للاستخدامات المختلفة من الأمور الاستراتيجية والحيوية الرئيسية.
 وتعتبر معظم الدول العربية من المناطق الأكثر فقرا بالموارد المائية (بشكل خاص الدول الآسيوية منها)، وتزداد الندرة إذا ما درست الموارد المائية التقليدية والتي تشمل جميع المياه العذبة المتوفرة بشكل طبيعي دون إجراء أية عمليات تحلية أو تنقية عليها، حيث تبلغ كمية المياه المتاحة من الموارد التقليدية حوالي 171 مليار متر مكعب في منطقة إسكوا ( تشمل الدول العربية الأسيوية بالإضافة إلى مصر)، وهذه الكمية تقل عما هو متوفر في دولة واحدة من بعض الدول القريبة من المنطقة مثل تركيا وفرنسا التي تبلغ كمية المياه فيهما حوالي 232 مليار متر مكعب وحوالي 204 مليار متر مكعب على الترتيب.
 ويعزى هذا الانخفاض في الموارد المائية التقليدية إلى وقوع دول اسكوا ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة، والتي تتسم بانخفاض كمية الأمطار الساقطة وقلة عدد الأنهر فيها، إضافة إلى فقدان معظم مياه الأمطار الساقطة عن طريق التبخر.
ونتيجة لذلك فان عدد من دول المنطقة تصنف على أنها من أفقر 10 دول على مستوى العالم مثل فلسطين والكويت وقطر حيث يقل نصيب الفرد فيها عن عشر كمية المياه المحددة في خط الفقر.
 وفي الأردن على سبيل المثال يبلغ نصيب الفرد حوالي 160 متر مكعب سنويا بينما حد الفقر هو 1000متر مكعب للفرد سنويا (نشرة الإحصاءات البيئية، 2003). ويرجع ذلك إلى قلة الأمطار التي تسقط على الأردن سنويا حيث أن اكثر من 86% من مساحة المملكة تقع ضمن المناطق الجافة والتي يقل معدل سقوط الأمطار فيها عن 200 ملم سنويا، وكذلك شح المياه السطحية التي تدخل الأردن ضمن انهار أو وديان.
الشكل التالي يبين نصيب الفرد من المياه التقليدية لدول الاسكوا ومن الواضح أن جميع الدول باستثناء العراق وسوريا تقع تحت خط الفقر.
استنزاف المياه
نظراً لندرة الموارد التقليدية للمياه تقوم كثير من الدول العربية بضخ كميات كبيرة من المياه الجوفية متعدية مستوى الضخ الآمن، حيث بلغت نسبة الضخ إلى الاستخراج الآمن 153% في منطقة اسكوا أي أن نسبة استنزاف المياه الجوفية تزيد عن 50% سنوياً، وفي بعض الدول يصل الاستنزاف إلى أكثر من 500% مما يعني أن الأحواض المائية سوف تنضب في وقت قصير.
الشكل التالي يبين النسبة المئوية للمياه الجوفية المستخرجة إلى الضخ الآمن حيث يلاحظ أن جميع الدول باستثناء سوريا والعراق ولبنان تتجاوز الضخ الآمن مما يعني أن المياه الجوفية في تلك الدول مهددة بالتلوث والنضوب.
استجابة بعض الدول لمشكلة ندرة المياه
لقد أدت ندرة المياه من المصادر التقليدية أيضاً إلى قيام عدة دول بتطوير بعض المصادر غير التقليدية منها تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة ومياه الصرف الزراعي وإنشاء السدود. فلقد شكلت كمية مياه البحر المحلاة ما نسبته 1.1% من إجمالي المياه العذبة في منطقة إسكوا، وترتفع هذه النسبة في بعض دولها التي تعاني من ندرة شديدة في الموارد التقليدية مثل الكويت وقطر والإمارات والسعودية حيث بلغت نسبة مياه البحر المحلاة إلى كميات المياه المتاحة للاستهلاك في تلك الدول حوالي 71% و66% و56% و43% على الترتيب.
هذا وقد بلغت الكميات المعالجة من المياه العادمة ومياه الصرف الزراعي في منطقة إسكوا حوالي 8.2 مليار متر مكعب مشكِّلة ما نسبته 4.5% من إجمالي المياه المتاحة للاستهلاك، وتعتبر هذه الكمية قليلة جداً بالنسبة لمنطقة تعاني من نقص شديد في المياه.
بالإضافة إلى ذلك قامت بعض دول إسكوا بإنشاء سدود لتخزين المياه واستخدامها لأغراض الري، وقد بلغ عدد السدود المنشأة أكثر من 306 سدا، إجمالي طاقتها التخزينية تزيد عن 227 مليار متر مكعب.
ولقد بلغ إجمالي المياه المستخدمة في منطقة إسكوا حوالي 155 مليار متر مكعب، تشكل حوالي 91% من المصادر التقليدية للمياه، ويعتبر هذا المؤشر جيداً فيما لو كان الوضع كذلك في جميع دول إسكوا، ولكن على عكس ذلك فإن هذه النسبة تتجاوز 100% في معظم دول إسكوا أي أنها تستهلك أكثر مما هو قابل للتجدد وهذا مؤشر سلبي بالنسبة للتنمية المستدامة.
ويعتبر قطاع الزراعة المستخدم الرئيسي للمياه في منطقة إسكوا حيث بلغت كمية المياه المستخدمة لأغراض الزراعة حوالي 139 مليار متر مكعب عام 2000 مشكِّلة حوالي 90% من اجمالي المياه المستخدمة.
أهمية إحصاءات المياه
      إن أهمية الرقم الإحصائي تنبع من أهمية الموضوع الذي يعبر عنه، ونظرا لكون المياه هي المورد الأهم في المنطقة، ولما يعانيه هذا المورد من ندرة، واستنزاف وتلوث وغيرها من الضغوط على هذا المورد فان توفر الرقم الإحصائي هو المتطلب الأول لأي عملية إنقاذ لهذا المورد من الوضع الذي يعاني منه.
      كما أن التلوث الذي يحدث على هذا المورد وما يهدده هذا التلوث على حياة الناس والكائنات الحية والتنوع الحيوي والبيئة بشكل عام يتطلب دراسة الوضع وتوفر الارقام الدقيقة والصحيحة لاتخاذ الإجراءات المناسبة قبل فوات الأوان. كما أن مياه البحار والأنهار والبحيرات تعتبر مصدر غذاء آمن ورخيص الثمن، وهو كذلك مصدر رزق لكثير من العائلات التي تعمل في مجال الصيد، وان تلوث هذه المصادر يؤدي إلى تهديد الكثير من السكان بأرزاقهم إضافة إلى تهديد الأمن الغذائي في المنطقة، لذا فان عملية وجود نظام مراقبة دائمة وتوفير أرقام إحصائية بشكل دوري لنوعية المياه وما يطرح فيها من ملوثات يعتبر أمرا في غاية الأهمية.
الموارد المائية
يعرف المورد الطبيعي على انه أصول طبيعية (مواد خام) تظهر في الطبيعة ويمكن أن تستخدم للإنتاج الاقتصادي أو الاستهلاك. وتقسم الموارد المائية الطبيعية الى موارد متجددة وهي التي يمكن أن تعود الى مستواها السابق بواسطة عمليات نمو أو تجديد طبيعية بعد استغلالها، أما النوع الثاني فهو موارد غير متجددة وهي موارد قابلة للاستنزاف ولا يمكن توليدها بعد استغلالها.
وتقسم الموارد المائية العذبة الى موارد مائية تقليدية وموارد مائية غير تقليدية:
1- موارد مائية تقليدية وتشمل:
–       المياه الجوفية
هي تلك المياه المتواجدة في الطبقات المائية والتي يجرى استخراجها من هذه الطبقات عن طريق حفر الآبار، وهي إما أن تكون متجددة أو غير متجددة.
            أ-المياه الجوفية المتجددة
     وهي المياه التي تتسرب إلى الطبقات المائية في باطن الأرض من الأمطار عبر شقوق ومسامات صخور الطبقات المائية الحاملة لها.
            ب- المياه الجوفية غير المتجددة
وهي المياه التي تكونت أو تواجدت في الطبقات الحاملة للمياه في باطن الأرض بفعل عوامل جيولوجية حدثت في أوقات معينة ولا يوجد أي تغذية لهذه المياه في الوقت الحاضر مما يعني عدم وجود القدرة على تجديد المياه التي تسحب منها.
–       المياه السطحية
وهي المياه التي تنساب على السطح نتيجة جريان الاوديه والأنهار بالاضافه إلى مياه الينابيع والفيضانات، وتعتمد هذه المياه على كميات الأمطار الساقطة وفترات سقوطها.
وهناك أهمية خاصة للمياه السطحية حيث أنها تغذي المياه الجوفية والسدود المائية، وتعتبر مورد مائي ذو كلفة قليلة بسبب انسيابها بشكل طبيعي مما يقلل من كلفة الضخ والشبكات الناقلة للمياه.
اعداد
خميس رداد
إحصاءات المياه
دورة الإحصاءات البيئية
المعهد العربي للتدريب والبحوث الإحصائية
دمشق 11 –17 اب 2005