» مبادئ معالجة المياه الملوثة

الإدارة الهندسية لمياه الصرف الصحي في التجمعات السكانية الصغيرة

د.م عبد الرزاق محمد سعيد التركماني

المحتويات:

 

1- مقدمة  ص 3

2- مياه الصرف الصحي و مصادرها  ص 4

3- نوعية و كمية مياه الصرف الصحي في التجمعات الصغيرة  ص 7

4- إدارة المياه الملوثة في المناطق القروية و المنعزلة  ص 14

5- طرق معالجة المياه الملوثة الناتجة عن التجمعات الصغيرة  ص 21

6- المقارنة بين أنظمة المعالجة بالموقع و أنظمة المعالجة المركزية  ص 40

7- المراجع العلمية  ص 46

 

 

– مقدمة:

ان التوسع السريع بالخدمات المقدمة للتجمعات القروية و المناطق المنعزلة في مجال الصرف الصحي رافقه تزايد القلق بسبب التلوث الناجم عن المياه الملوثة و خصوصاً في ظل ندرة المياه و القلق الناجم عن الأحواض الصحية (أحواض التحليل) المرافقة لصرف مياه المجاري المعاشية من دون معالجة . و إن المياه الملوثة اللامركزية يمكن أن تنتج عن بيت واحد أو تجمع تجاري و سياحي أو ربما ينتج عن تجمع لعشرات المنازل المخدمة أو غير المخدمة بشبكة صرف صحي كما في القرى .

 

في العديد من البلدان النامية هناك نقص في شبكات الصرف الصحي و بالتالي يكون صرف مياه المجاري عشوائيا” على الأغلب، و حتى يتم تفادي النتائج السلبية لهذه المياه الملوثة على البيئة و الصحة العامة فمن الواجب معالجة هذه المياه الملوثة قبل تصريفها الى الطبيعة .

 

ان السعي نحو الربط الشامل للقرى و التجمعات الصغيرة المتباعدة بشبكات الصرف الصحي يعني إنفاق موارد مالية كبيرة حداً على هذه الشبكات بغض النظر عن كلفة المعالجة . ان المعالجة المطبقة بمكان و مصدر التلوث أو الاعتماد على وسائل بدلة عن نظام الصرف التقليدي (شبكات الصرف الثقالية) أعطى حلولاً عملية لتفادي الإنفاق الهائل على مشروعات الصرف الصحي و محطات المعالجة حيث بلغت نسب التوفير المالية بحدود 40-70 بالمائة.

 

ان التصدي لمعالجة مياه الصرف الصحي في التجمعات الصغيرة و الحلول المستدامة أضحى من المشكلات الكبيرة التي تواجه السلطات المحلية بالبلدان النامية ومنها سورية . ان الحلول التقليدية لجمع مياه الصرف الصحي و نقلها عبر شبكات صرف صحي الى محطات المعالجة امر مكلف و غالباً لا تتوفر الأموال اللازمة لتفيذ هذه المشروعات . ان الحلول المستدامة للتجمعات الصغيرة اللامركزية يعني توفير الكلفة و تجنب تلوث المياه السطحية  و تلوث مصادر الشرب و تعني توفير الجهد و توفير المخاطر البيئية المحتملة . هناك مجموعة من العوامل التي تحدد ادارة المياه الملوثة في التجمعات الصغيرة و منها العوامل الاجتماعية و الثقافية و البيئية و الجغرافية .

 

إن محطات المعالجة عادة ما يتم تقييمها على أساس الحفاظ على الصحة العامة و حماية البيئة أكثر من تقييمها على اعتبارات إقنتصادية وهذا لا يعفي الدارس من البحث عن أسلوب المعالجة الأكثر إقتصادية والذي يحقق المعايير البيئية المطلوبة . إن الحديث عن معالجة مياه الصرف للمناطق اللامركزية يعني بساطة طرق المعالجة و سهولة التشغيل و الصيانة .

 

إن الحديث عن معالجة مياه الصرف الصحي الناتجة عن المنازل المنعزلة أو التجمعات الصغيرة أو المنشآت السياحية و  القرى الصغيرة يترافق مع البحث عن وسائل معالجة غير ميكانيكية قدر الامكان. إن أمور التشغيل و الصيانة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في التوجه نحو تطبيق تقنيات معالجة لمياه الصرف بحيث نتجنب الحاجة الى خبرات ماهرة في التشغيل و الصيانة و التي عادة لا تكونمتوفرة في البلدان النامية كبلدنا. و إن اختيار الحل التكنولوجي للمعالجة يعتمد على توافر الأرض و الاعتمادات المالية اللازمة.

 

إن المياه الملوثة اللامركزية يمكن أن تنتج عن بيت واحد أو تجمع تجاري و سياحي أو ربما ينتج عن تجمع لعشرات المنازل المخدمة أو غير المخدمة بشبكة صرف صحي كما في القرى .

إن قرب مكان معالجة مياه الصرف الصحي عن منشأ هذه المياه يوفر أموالاً طائلة بسبب تجنب انشاء شبكات صرف صحي ذات أطوال كبيرة .

 

ان ادارة المياه الملوثة اللامركزية تعني تجميع و معالجة و اعادة استخدام المياه الملوثة الناتجة عن المنازل و التجمعات الصغيرة و المنشآت التجارية و الصناعية قرب مصدر التلوث . و على العموم فإن أهداف من ادارة المياه الملوثة في المناطق الصغيرة و المنعزلة يمكن تلخيصها كما يلي:

 

– حماية الصحة العامة .

– حماية البيئية المحيطية من التلوث .

– تخفيض تكاليف المعالجة بواسطة حجز مياه الصرف المنزلية قرب مصدر التلوث و بالتالي التخفيف من الحمولات الملوثة .

 


المواد الموجودة في مياه الصرف الصحي المنزلي:


تحتوي مياه الصرف الصحي المنزلي على مكونات مختلفة متعددة المصادر حسب نوع استخدام المياه ( انظر الشكل  ). فمياه الصرف الصحي الناتجة من المراحيض تدعى المياه السوداء و هذه بدورها تقسم إلى مياه صفراء ( البول بدون مياه التنظيف ) و المياه البنية ( مياه صرف المراحيض بدون بول). إضافة للمياه الرمادية وهي تضم مياه الصرف الصحي الناتجة من المطابخ و الحمامات و أحواض الغسيل و غسالات الملابس

 

 

 


الصفات النموذجية لمياه الصرف الصحي كما يوضحها الجدول، تبين بأن الماء الأصفر (البول) يحوي على الجزء الأكبر من المواد المغذية للنبات (80 % من النتروجين و 50 % من الفوسفور) و بما أن هذه المياه تصب في شبكة الصرف الصحي وفق الطريقة التقليدية فإن هذه المواد ستسبب مشاكل بيئية بحال عدم إزالتها مع العلم أن الإزالة التقليدية (نترجة + إزالة نترجة) هي عملية مكلفة ماديا .


وبسبب المكروبات المسببة للأمراض فإن المياه البنية (البراز) ستكون مصدرا” خطرا على الصحة العامة, مع أنها تشكل حجما صغيرا من كمية مياه الصرف الصحي المنزلي ( 50 ليتر لكل شخص في العام ) و في شبكات الصرف التقليدية يمتزج هذا الحجم الصغير مع بقية مياه الصرف الصحي المنزلي الأخرى التي تشكل عادة الجزء الأكبر( الماء الأصفر و الماء الرمادي).إن كمية المياه الصفراء تعادل 10 أضعاف حجم المياه البنية)، بينما المياه الرمادية و التي تتعلق بأسلوب المعيشة للمستهلكين فتتراوح بين خمسة و عشرين الف ليتر لكل شخص في العام الواحد الى مائة الف ليتر .


يبين الجدول التالي ملخصا” عن كمية المغذيات و الملوثات المصروفة ضمن مياه المجاري للشخص الواحد سنويا

 

 

الجدول  يبين كمية المغذيات و الملوثات المصروفة للشخص الواحد سنويا” ضمن مياه المجاري


 

أنظمة نقل مياه المجاري في التجمعات الصغيرة


تقوم أنظمة نقل مياه المجاري بإيصال هذه المياه الملوثة من مصدر نشؤها الى مكان معالجتها أو التخلص منها . و هناك عدة طرق لنقل مياه المجاري نذكر منها


شبكة الصرف الصحي التقليدية

وهي عبارة عن أنابيب تجري بالثقالة ( الشكل المرفق ) بحيث لا تقل سرعة المياه ضمن الأنابيب عن 0.6 م/ثا حتى لا تترسب المواد ضمن الانابيب و القطر الادنى للانابيب 20سم 

 


الشكل شبكة مجاري تقليدية تجري بالثقالة

 

حوض تحليل مجهز بفلتر و يتصل بشبكة أنابيب تجري بالثاقلة


تصب مياه الصرف المنزلية الى حوض تحليل حيث يتم التخلص من المواد القابلة للترسيب و مجهز بنهايته فلتر يساعد على تنقية المياه الخارجة منه عبر انبوب بلاستيكي PVC بقطر /25/الى /50/ مم يصل لشبكة المجارير الرئيسية (الشكل المرفق). و القيمة الدنيا للسرعة ضمن شبكة المجاري هنا هو 0.45 م/ثا و انبوب التجميع يبدأ بقطر /100/ مم . و عادة” ما تنفذ هذه الشبكة بلا حفر التفتيش.

 


 


الشكل شبكة مجاري تقليدية تجري بالثقالة و مزودة بأحواض تحليل 


 

حوض تحليل مجهز بفلتر مع شبكة أنابيب مضغوطة:

 يتم سحب المياه الخارجة من حوض التحليل بعد فلترتها بواسطة مضخة وعبر أنبوب قطره /25-38/ مم الى انبوب رئيسي مضغوط و بقطر أدنى /50/ مم (الشكل المرفق). و ميزة هذه الشبكة صغر أقطارها و حاجتها الدنيا لعمق الطمر . و هذا الحل مناسب جداً في المناطق ذات المياه الجوفية القريبة من سطح الأرض و بالمناطق الصخرية

 

 

 

 

الشكل يبين شبكة مجاري مضغوطة مع أحواض تحليل

 

و من ميزات هذا النظام نذكر:

• استخدام أنابيب PVC صغيرة القطر و متينة بدلا” من الأنابيب البيتونية.
سهولة التركيب مع عدم الحاجة لأعماق حفر كبيرة
التخلص من المواد القابلة للترسيب ضمن أحواض التحليل مع ازالة الدهون و الشحوم.
تخفيف العبء الى حد كبيرعلى محطة المعالجة المقترحة.
عدم وجود مياه راشحة أو غريبة المنشأ.
عدم تسرب مياه المجاري الى المياه الجوفية.
عدم الحاجة الى حفر تفتيش.
مناسبتها للمناطق الجبلية و المناطق الصخرية و المناطق ذات منسوب المياه الجوفي المرتفع.

شبكة مضغوطة مع مضخة طاحنة

و هنا لا يستخدم حوض تحليل و لكن توجد مضخة ضمن حفرة صغيرة و هي عبارة عن مضخة طاحنة تعمل على نقل مياه المجاري إلى شبكة مجاري مضغوطة. و تتميز هذه الشبكة بصغر الأقطار و بقلة أعماق الحفر

 

 شبكة انفراغية 

و هنا يوجد جهاز انفراغي مركزي للمحافظة على انفراغ 380-500 مم زئبق ضمن الشبكة ذات القطر الصغير . يقوم الجهاز المركزي الانفراغي بسحب مياه المجاري الى نقطة تجمع مركزي. و هنا لا تكون هناك أي مياه راشحة بسبب كثافة الشبكة و تتراوح و صلات الشبكة بين 200-300 وصلة و لا حاجة لحفر التفتيش في هذا النظام

 

 

الشكل يبين شبكة صرف صحي انفراغية


إن نظام المياه الملوثة لأجل أي تجمع سكاني يقصد به نظام تجميع المياه الملوثة و سلسلة من الأنابيب لنقل مياه المجاري الخام إلى محطة المعالجة بالإضافة إلى نظام المعالجة المطبق من أجل التخلص الأمن من المياه المعالجة عن طريق إعادة استخدامها أو إلقائها في المسطحات المائية أو الأنهار …. الخ .

إن التحدي الأكبر الذي يواجه تنفيذ أي نظام مياه ملوثة هو الكلفة الباهظة لشبكة مجاري الصرف الصحي التقليدية لتجميع المياه الملوثة. إن هذه الكلفة قد تصل إلى 80 % من كلفة مشروع الصرف الصحي و محطة المعالجة المركزية. إن البحث عن بدائل لشبكة الصرف الصحي التقليدية و خاصة للتجمعات الصغيرة و القروية هو من الخيارات الهامة جداً في خفض التكاليف، خصوصاً إذا علمنا أن النظام التقليدي لشبكة الصرف الصحي الثقالية يطبق من أجل التجمعات السكانية الكثيفة . فهذه الشبكات تحتاج إلى أقطار أنابيب كبيرة و حفرة التفتيش و أعماق حفر كبيرة نسبياً و ربما تكون عميقة جداً و هي مصممة أساساً لنقل المياه مع المواد الصلبة و بسرعة مياه دنيا ضمن الأنابيب بحيث لا تترسب المواد الصلبة ضمنها و ربما احتاجت هذه الشبكات إلى محطات ضخ لرفع منسوب الجريان أو لنقلها إلى محطة المعالجة.

إن كل ما سبق يترتب عليه نفقات مالية كبيرة لا يمكن توفيرها بسهولة عند التحدث عن المناطق القروية الصغيرة و المنعزلة . كما أن تنفيذ مشاريع الصرف الصحي يحتاج إلى وقت طويل و جهد كبير. كل هذه الأمور دفعت الباحثين إلى التفكير بوسائل جديدة لخفض تكاليف نقل مياه المجاري في التجمعات الصغيرة ذات الكلف المنخفضة. و على سبيل المثال فقد أعدت دراسات معمقة في الولايات المتحدة الامريكية لتفادي الكلف المرتفعة جدا” لنقل مياه المجاري عبر شبكات صرف تقليدية بشبكات بديلة تعتمد على مبدأ وضع حوض تحليل ليستقبل مياه المجاري المنزلية و من ثم معالجة المياه الناتجة عنه مع انشاء شبكات ذات اقطار صغيرة (كما تم شرحه سابقا“) .

 

للمزيد من المعلومات يرجى تحميل كامل الملف  انقر هنا 

 

ملاحظة: جميع محتويات الموقع ذات حقوق محفوظة و لايسمح بإعادة النشر أو الاستخدام إلا بعد أخذ إذن مدير الموقع حصريا” تحت طائلة المسؤولية.